على مدى خمسة عقود عملت الصين بصمت على تطوير نفسها. وبناء اقتصاد يكاد يجلس على قمة النظام الدولي وينافس امريكا على التربع على عرشه في غضون سنوات قليلة.
ان ما يتسرب من اخبار عن فيضان السلع الصينية لتغمر العالم وباسعار منافسة، وما يتم تداوله عن قيام الصين باطلاق اوسع واحدث شبكة نت عالميا، وما تطرحه شركات السيارات الصينيه الكهربائية من ملايين العربات في الاسواق العالمية سنويا لتكون الاولى عالميا، واظهار بكين تحديا قويا في وجه قرارات الادارة الامريكية الترامبية في فرض تعرفة جمركية على الواردات الصينية.. وغير هذا الكثير من الاختراعات الصينية في مجالات التكنولوجيا والسلاح ومختلف انواع الخدمات والسلع والمعدات والاليات التي تبهر العالم.
اجل.. اصبح من شأن كل هذا حتما ان يغير من مواقف دول العالم في تعاملاتها وعلاقاتها الخارجية للتوجه شرقا نحو الصين ومن يحالفها والاستفادة من مشروع الطريق والخط البحري ( طريق الحرير ) ثم الى منظومة بريكس العملاقة التي تقودها الصين باقتدار مما سيهدد فعلا الزعامة الامريكية المبنية على قوة الدولار مدعوما بضخامة اساطيلها وقواعدها العسكرية المنتشرة في مناطق العالم المختلفة..
ومقابل ذلك واذا ما سارت واشنطن في طريق التصارع الاقتصادي والتجاري التي اختطتها بفرض المزيد من القيود الجمركية فالى جانب ما ستتخذه دول العالم وخاصة الصين من اجراءات مضادة، سوف تلحق اضرارا كبيرة بالشركات الامريكية..
واكثر من ذلك فإن هذه الشركات ستركن على السياسات الحمائية لمنتجاتها ولن تعد مهتمة بالريادة والاحتراعات والتطوير لهذه المنتجات، مما يشكل تدهورا في قدراتها التنافسية امام المنتج من دول العالم الاخرى في اسيا وامريكا اللاتينية واوروبا..
ومالم تتنبه واشنطن الى احتمال وقوع هذه المخاطر فتبادر الى مراجعات جذرية لنهجها الجديد في ادارة علاقاتها الدولية بصورة انانية واملائية... وهو ما من شأنه ان يقود الى تكتل دول العالم ضدها، وتجعل الطريق ممهدا اكثر امام بلوغ الصين قيادة النظام الدولي.