facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما نَلعنه وما نُعلنه


فيصل سلايطة
02-05-2025 12:43 PM

نعيش معضلة حقيقية في عالمنا العربي، في حالة تُشبه الازدواجية الفكرية أو التناقض أو التشتت، بحيث تتباين الاختيارات بين ما نُعلنه عند اللحظة الحاسمة أو نقطة اللاّرجوع، وبين ما نعيش حياتنا نلعنه ونتمنى زواله أو انتهاؤه.

فلو طُرح السؤال على أي عربي، مفاده كالتالي:
من تُحبّ أكثر، أمريكا أم أفغانستان واليمن؟
سيقول لك بكل فخر: أفغانستان واليمن، مواطن الكرامة والعزة، ومصنع الرجال، ويُمعن في شتم بلاد العم سام بعد انتهاء السؤال لربع ساعة.

ولكن لو قُدِّمت للشخص ذاته فرصة للعيش بين ما يلعنه وما يعلن بكل فخر عنه، لاختار العيش في البلد الذي لعنه وشتمه. فيا ترى، أين يكمن الخلل؟

ولنفكّك الأحجية، سنقول إن أمريكا قد تكون جنةً لمن فيها، بلد الحرية والعدل والفرص المتساوية، لكن سياساتها الخارجية هي ما يجعل بعض المجتمعات تنفر منها.
"هل هذا التحليل مناسب؟"

وعلى ذات المنوال، لو قلنا للشخص ذاته: هل تؤيد نشوء دولة ذات حكم ديني أم دولة علمانية تفصل الدين عن السياسة؟
سيشتم العلمانية، ويبدأ في سرد مساوئها، من التحرر الجنسي إلى الزواج المدني إلى إهمال الشؤون الدينية (حسب فهمه البسيط المغلوط)، ويعدّد فضائل الدولة الدينية والبركة المتعدّدة فيها.

وإن قلنا له: أتعيش في طالبان أم في فرنسا؟
سيختار فرنسا، مُغمِضًا إحدى عينيه. فهل في الحقيقة يعيش المواطن العربي هذه الازدواجية التي قد تكون مرضية؟

فحتى من سيختار فرنسا للعيش، سيسعى جاهدًا لتطبيق قوانين دينية غير مطبّقة في وطنه الأم، من باب نشر الفضائل (حسب الادعاء)، فكيف يستطيع الإنسان التلوّن حسب الرغبات إلى هذا الحدّ المتطرّف الانتهازي؟

بعد الحرب الظالمة القاسية التي شنّها الكيان على غزة، برزت الحاجة إلى معاقبة بعض الشركات التجارية والعلامات العالمية التي تدعم الإبادة، فأصبحت المقاطعة أسلوبًا للعقاب.
اكتشفنا في خضمّ هذه المقاطعة أننا لا نستطيع أن نقاطع بالشكل الصحيح ١٠٠٪، إلا إن عدنا إلى الكهوف، فالغرب يُنتج كل شيء تقريبًا وحرفيًّا.

عندها تحوّلت مقاطعتنا أيضًا إلى أداء انتقائي، فابتدعنا المقاطعة عبر الأولوية، ثم المقاطعة البديلة أو ذات الجودة الأقل، بحيث لا يخرج أحدهم ليقاطع الآيفون مثلًا، فهو عصب الحياة، لكننا نقيم المعارك إن رأينا طفلًا يأكل شطيرة من المطعم الفلاني... فهل هناك ازدواجية أقوى من هذه؟

نضيع في عالمنا العربي حرفيًّا، ما بين ما يُرضي ضميرنا الذي يتغذّى روحيًّا، وبين ما نعلم حقيقةً نفعه لنا وتحقيقه لراحتنا.
فنقول: "سنسلك المسرب اليساري"، وندخل يمينًا بكل ما أوتينا من قوة.

فتُترجم هذه الازدواجية على أرض الواقع في مجتمع يعيش حياتين:
واحدة علنية طاهرة شريفة بيضاء ورعة نقية، وأخرى في الخفية، ملتهبة خليعة حمراء، تمامًا كالرجل الذي يخون زوجته، فهو أمامها حملٌ وديع، وفي الخفية... يطبّق معايير الخيانة بكل حرفية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :