التوترات الجيوسياسية في العالم تعود من جديد
م. مهند عباس حدادين
05-05-2025 01:01 AM
لم تكن تصريحات الرئيس ترمب والذي أمضى ما يزيد عن مئة يوم في البيت الأبيض قبل تسلمه السلطة بإنهاء الصراعات الدولية إلا مجرد مصفوفة كلامية تنقصها الخبرة السياسية ،ويضاف لما أحدثه من ضبابية وعدم يقين في الإقتصاد العالمي بشكل عام وعلى الإقتصاد الأمريكي بشكل خاص ،لأن التوازنات العالمية مبنية على توازنات إقتصادية وسياسة لا يمكن فصلهما عن بعض، وبحاجة إلى الخبرة العميقة والتجرد في الإبتعاد عن الشخصنة والمناكفات.
إن قراءة المشهد العالمي الآن من خلال الحرب الروسية-الأوكرانية ودخولها بمنحنى أشد خطورة بعد أن إكتشفت روسيا أن ترمب يلعب على الحبلين،حيث أن إدارته بعد الإتفاق مع أوكرانيا على صفقة المعادن النفيسة وافقت على صفقة عسكرية بقيمة 50 مليون دولار لدعم أوكرانيا في حربها على روسيا ،وليس هذا فحسب بل قام الرئيس الأوكراني بتهديد روسيا بأن سلامة الرؤساء الذين سيحتفلون بعيد النصر الروسي بعد أيام غير مضمونة ،والرد الروسي بالإشارة إلى العقيدة العسكرية الروسية والتي يعتبر السلاح النووي جزءا منها في حال أي تصعيد على الأرض.
أما في الشرق الأوسط فقد عادت الأمور إلى المربع الأول في التصعيد ،فبعد ضرب جماعة الحوثي لمطار بن غوريون بصاروخ بالستي فرط صوتي وعدم إعتراضه من المنظومات الدفاعية المتطورة والتي حرصت الولايات المتحدة بتزويد إسرائيل بها ،وما أحدثه هذا الصاروخ من خسائر بشرية ومادية،هو جرس إنذار للمنطقة بأكملها ،فالملف النووي الإيراني والقوة الصاروخية لا تزالان تعتبران التهديد الأكبر لإسرائيل، وأن أي تورط إسرائيلي بمهاجمة إيران سيؤدي إلى إنزلاق منطقة الشرق الأوسط الى اللامجهول.
لقد تسرع الرئيس ترمب بخلط الأوراق السياسية والإقتصادية،ولم يبحث عن الجذور الرئيسية لحل التوترات الجيوسياسية بل أضاف عليها عبئاً إقتصاديا من خلال حرب إقتصادية على حلفائه أولا وعلى خصومه التقليديين ثانيا.
كل ذلك من شأنه أن يعقد المشهد من جديد،وتصبح فرص التوصل إلى التفاهمات السياسية والإقتصادية متشابكة إذا لم تكن هناك جدية وتنازلات من الطرف الأمريكي وحلفائه من خلال التفاوض .