عارف البطاينة في ذكرى رحيله الثانية
أحمد الحوراني
08-05-2025 03:07 PM
في ذكرى وفاته الثانية التي تصادف اليوم، تحضرني بعض المحطات في حياته والتي رواها لي الفقيد الدكتور عارف البطاينة بنفسه خلال أكثر من جلسة خاصة في منزله الجميل في العاصمة عمان، ذلك المنزل الذي قال أبو علاء أن كل شيء في جنباته قد اختلف في لونه وشكله وجوهره بعد وفاة سيدته الكبيرة أم علاء رحمها الله.
الدكتور عارف البطاينة كان واحدًا من أبرز الأطباء المتخصصين في أمراض النسائية والتوليد في المملكة الأردنية الهاشمية خاصة والوطن العربي عامة، وهو الطبيب الذي لم يتوقف عطاؤه وفاء لرسالته الإنسانية والمهنية النبيلة من جانب، ثم من أجل هذا الوطن الذي احبّ حيث كان علماً من أعلام البذل والعطاء عبر سنوات عديدة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، كونت في مجملها مسيرة زاخرة وثرية ولافتة في إطار عمل متواصل لم يتوقف للحظة ما أكان ذلك في صفوف الخدمات الطبية الملكية أو عندما انتقل للحياة المدنية وتسلم حقيبة وزارة الصحة ولأربع مرات وفي أربع حكومات، ابتدأت بحكومة المرحوم سمو الأمير زيد بن شاكر سنة 1991 إلى حكومة دولة عبدالكريم الكباريتي حتى الاستقالة في آذار سنة 1997، دون القفز عن عضويته في مجلسي النواب 1993-1997 والأعيان 2001-2007 حيث كانت له آرائه ومداخلاته ومشاركاته التي تميزت بقوة الطرح والجرأة في وضع النقاط على الحروف في مكانها الصحيح في الموضوعات المدرجة آنذاك على طاولة البحث.
الدكتور البطاينة المولود سنة 1931 والمتوفي سنة 2023 كان رجل دولة من طراز رفيع وصاحب رؤى وأفكار بنّاءة في قيادة دفة التقدم والتطوير وإسناد وتعزيز جهود تحقيق التنمية المستدامة، ولا يختلف اثنان في تقدير شخصية الرجل الذي لا شكّ أنه لعب دورًا في نهضة المسيرة الطبية في الأردن عبر النافذتين اللتين أشرنا إليهما آنفًا وهما الخدمات الطبية ووزارة الصحة وفي الحالتين كانت له انجازاته التي من أبرزها إنشاء العديد من المراكز الطبية والمستشفيات العامة في مختلف مناطق المملكة، حيث تم في عهده الانتهاء من بناء مستشفى الكرك الجديد، ومستشفى الأمير علي بن الحسين، ومستشفى الأمير زيد بن الحسين في الطفيلة، كما تم البدء بإنشاء مستشفى الملكة رانيا في دير أبي سعيد، ومستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي في محافظة اربد، ومستشفى اليرموك في لواء بني كنانة، بالإضافة الى توسعة مستشفى الأميرة راية في عجلون، كما تم إنشاء سجل السرطان الوطني وفق أحدث المستجدات التي اقتضاها المشروع، وذلك بمساعدة مراكز الاختصاص في السرطان في الولايات المتحدة، كما تم إقرار مشروع التأمين الصحي لجميع طلبة مدارس المملكة ممن هم دون سن السادسة وكذلك إنشاء وحدات خاصة في وزارة الصحة والخدمات الطبية لمعالجة مرضى التلاسيميا.
لقد ترك معالي الدكتور عارف البطاينه بصمات واضحة واجتمعت لديه العديد من المقومات التي جعلت منه شخصية وطنية فذة ساهم بخبرته في تطوير مدينة الحسين الطبية والخدمات الطبية وكان قادراً على تدبير أمور وزارة الصحة، وقد كُرّم من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني باعتباره مديراً سابقاً للخدمات الطبية وذلك تقديراً لمواقفة المشرفة التي تسجل له في تطوير العديد من مؤسسات الدولة الأردنية.