يحق لسوريا اليوم ما قد لا يحق لغيرها ، يحق لها أن تتحالف حتى مع الشيطان بحدّ ذاته إن رأت أنّ في ذلك مصلحة لها تحقق نهضة ونمو ، يحق لها أن ترتمي في أي حضن يضمن لها عودة حقيقية عنوانها " الاستقرار و النهضة و السلام".
سوريا اليوم لا تحتاج لشعارات كاذبة ، شعارات باتت دموية علينا نحن العرب ، باتت تغذّي بنا طموحات تولد ميتة و تجهض مستقبلنا و تقتل حاضرنا ، فإن رأت سوريا في السلام مع اسرائيل غاية تحقق لها كل ما رغبت فعلى الجميع احترام رغبتها ، فسؤال بسيط نريد له جوابا...
ماذا فعل نظام الاسد سوى من شعارات طوال نصف قرن من الزمان للقضية؟
هل قصف الجولان؟ هل دخل كل حين و آخر بجيوش جرارة إليها؟ هل استعادها؟ هل تحررت فلسطين في عهد الاسدين ؟ هل انهارت اسرائيل جراء قرارات حزب البعث المقاوم المقاتل المحارب؟ هل و هل و هل؟
أم بسبب التشبث بالكرسي و عدم السعي نحو ديموقراطية حقيقية عادت سوريا قرونا إلى الوراء بسبب نظام الاسد الذي دمرها تدميرا قد يفوق أي حرب مع اسرائيل أو غيرها؟
لا تشتموني و تظنّون أنّني انادي بالتطبيع و الارتماء في احضان تل ابيب ، أو اشرعن ما تقوم به الدولة العبرية من قتل و تشريد ، أو أريد لإسرائيل أن تتوسع، ولا أن أراهم يحومون بيننا، فالسياسة تختلف اختلافا عميقا عن الشارع ، فالشوارع العربية لم و لن تتقبل اسرائيل مطلقا ، أنا فقط أريد لسوريا نهضة قد يكون التطبيع مع اسرائيل أحد مفاتيحها ، تطبيعيا لا يختلف عن كامب ديفيد أو وادي عربة أو كالذي قام به اصحاب القضية و اساسها " أوسلو".
سوريا اليوم تختلف عن سوريا الماضي ، فبسبب تمسك بالسلطة و اقتتال داخلي و عقوبات و معارك باتت دولة اشلاء ، دولة تحتاج لسنوات لكي تفرض سيادتها على كامل الارض السورية ، لذلك لا تحتاج سوريا في خضم هذه المعمعة أن يتاجر بها و باسمها بقضية لا تخلّف سوى الدمار و لا يجب أن يطلب منها حمل ثقل لا تحتمله ، فللقضية اصحاب هم اعلم من غيرهم بأسس استرجاع الحق.
فدمشق لا تختلف شيئا عن عمان و القاهرة ، فإن رأت في ذلك خيرا لها عليها المضي قدما نحوه.