حدثان تزامن حدوثهما تقريباً، وكان مأمولاً أن يكون بمخرجاتهما نفع كبير للمصالح العربية، وإنهاء حرب الإبادة في غزة، والاقتحامات للمدن والمخيمات في الضفة الغربية.
شملت جولة ترامب ثلاث دول عربية في الخليج، حصل خلالها على أكثر ما كان متوقعاً، سواء من حيث حجم الاستثمارات، وضخ المليارات من الدولارات في الاقتصاد الأمريكي في مجالات عدة، وقد يستخدم جانباً منها في مخططه للسيطرة على غزة، وتحويلها إلى ريفيرا، كما وعد من قبل، ناهيك عن صفقات التسلح بمليارات الدولارات لتحديث أسلحة الدول الثلاث، ليصبح مجموع ما خرج به الرئيس الأمريكي من جولته، قرابة أربعة تريليونات دولار، وهو رقم مهول، وسيؤدي الى خلق ملايين من فرص العمل للأمريكيين، ويعظّم أرباح الشركات والمجمع العسكري في الولايات المتحدة.
ولكن، ماذا استفاد الجانب العربي وقضية غزة والحرب الطاحنة فيها مقابل ذلك! حيث كان من المتوقع أن تقترن هذ الصفقات بضغط على ترامب وإدارته، لوقف هذه الحرب البربرية، وإيصال المساعدات الإنسانية، وليس مجرد الطلب منه مساعدة الغزيين الذين يتضورون جوعاً.
نذكر من أحداث المنطقة التاريخية عام ١٩٧٣، أنّ المرحوم الملك فيصل قد ربط تصدير النفط بتخفيض تدريجي للأسواق بدءاً من ٥%، بتبنّي الدول الغربية مواقف معتدلة تجاه حقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما لم يحصل، وشكّل إحباطاً كبيراً لدى الجماهير التي ترى شلال الدم منهمراً، ولا تستخدم فرصة سانحة لتوظيف الإمكانات العربية لتحقيق هذا الهدف المتواضع، أيّ وقف نزيف الدم!
عقدت قمة بغداد العربية بعد أيام قليلة من انتهاء جولة ترامب الخليجية، بحضور محدود على مستوى القادة العرب، وكانت مخرجاتها متواضعة، تدعو لوقف الحرب في غزة والضفة الغربية، دون ربط هذه المطالبة بإجراءات عملية من الجانب العربي، في حال استمر التنكر لحقوق الفلسطينين غير القابل للتنازل من قبل سلطة الاحتلال، والدعم غير المحدود لها بالأسلحة والعتاد والأموال، وبكل سخاء.
مؤدّى ذلك، أنّ المنطقة وشعوبها ستعيش بحالة من التوتر وعدم الاستقرار، وهو ما حذّر ويحذّر منه الأردن وجلالة الملك منذ عقود، ويترك المنطقة نهباً للإحباط، وما يتبعه من انعكاسات سلبية على كل دول المنطقة، بل والعالم كله.