اعتقد أنّنا يجب أن ندرك أهمية استقلالا آخر نعيشه كل يوم ، قد يفوق في بعض الاحيان الاستقلال الذي نحتفل فيه كل عام و نستذكر تضحيات بناة الاردن في ذكراه ، هذا الاستقلال الذي لم تتهيأ الظروف للدول المحيطة للتنعّم به، ليكون الأردن هو الدولة الوحيدة المستقلّة استقلالا خالصة في المنطقة.
فسوريا و لبنان و العراق و فلسطين و اليمن ، لم ينعموا بالاستقلال عن ايران ، لم يصلوا بعد إلى استقلال حقيقي بلا قيود أو عقبات ، فنحن جميعا استقلّينا إما عن فرنسا أو بريطانيا ، لكن بقيت الأردن الدولة الوحيدة التي تنعم بتفرّد تام و قرار ذاتي ، حتى و إن تزاحمت بعض الفصائل على السلطة في بعض الاوقات و عكرت صفو هذه الحالة ، لكن كعادة هذا الوطن يتعثر و لا يقع ، فيمرّ بأزمات و يخرج منها أقوى من ذي قبل.
قد يخرج البعض ليقول ، و هل الأردن مستقلّ عن المركب الغربي و التقارب الامريكي؟
و هل يمكننا بأي شكل من الاشكال مقارنة تحالفات و تفاهمات و صفقات تجارية و تقارب سياسي أردني مع دول العالم بما تفعله ايران بأي دولة تفتح لها ابوابها؟
نحن نعارض كثيرا من القرارات الامريكية، لكن هل يمكننا مقارنة الدعم الامريكي للأردن و الاشادة الدائمة به كحليف استراتيجي لواشنطن بسنوات من التحديات عاشتها الاردن بسبب ايران و تواجدها في الجنوب السوري؟
كم مرة نفى النظام السوري ضلوعه في حرب المخدرات ؟ كم مرة قالت طهران نحن لا نضر الاردن و لا دخل لنا بما يحدث في الجنوب السوري؟ و النتيجة عندما سقط النظام السوري و كسرت اليد الايرانية عن سوريا تكشفت حقيقة هذه الثنائية التدميرية (الاسد و ايران) على الأردن و أمنه و استقراره.
هذا الاستقلال الذي يجب أن نحييه و ندرّسه لهذا الجيل لكي لا يخدع بحجة المقاومة أو اللعب على الوتر الديني العاطفي ، فكما نحتفي بالاستقلال عن بريطانيا التي أيضا دعمت لعقود الأردن ، يجب أن نعي أهمية الاستقلال عن المركب الايراني التدميري ، عن مركب يضع فلسطين مرساة احيتاطية لتمرير الخطط و هو بعيد كل البعد عنها ، عن أيادٍ لم تدخل بلد إلّا و دمرته و حلمت لعقود بأرض الاردن ليكتمل نفوذها على بلاد الشام و العراق ...لكن هيهات لها هكذا احلام.
كل عام و وطننا بخير ، قائدنا بخير ، و شعبنا الذي يحبّ هذه الارض بخير .