facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عقدة نقصهم ام استقلالنا الناقص


د. محمد البطاينة
26-05-2025 12:46 AM

بدأت بواكير الاستقلال في الاردن بمحاولات بلورة الشخصية الاردنية المستقلة في محطتين تاريخيتين مفصليتين؛ وهنا شكلت "محطة الثورات" ضد الحكم العثماني أولى هذه المحطات؛ فالظلم والفساد الإداري وفرض الضرائب الباهظة والتهميش القومي عوامل أسهمت في ثورة الشوبك وثورة حوران وهية الكرك الشهيرة ١٩١٠ بقيادة الشيخ القدير قدر المجالي ثم جاءت تالياً الثورة الكبرى ١٩١٦ بقيادة الشريف الحسين بن علي لتعطي بعداً عروبياً ووحدوياً لهذه الثورات الوطنية. كانت المحطة السياسية التالية "محطة المؤتمرات" في عام ١٩٢٠؛ والتي بدأت بعقد مؤتمر مناطق البلقاء في حاضرتها السلط وتبعها مؤتمر أم قيس في اربد وهو المؤتمر الذي كان أكثر شمولاً من سابقه حيث نحى في بنوده الستة عشر بإتجاه تشكيل إطار سياسي للشعب الأردني وتدشين الكيان الأردني المستقبلي والمستقل؛ ففي هذا المؤتمر اجتمعت الزعامات الوطنية الأردنية من شمال الأردن إلى جنوبه وأصدرت قرارات ملفتة للانتباه لعل أهمها "إقامة حكومة وطنية مستقلة ليس لها أدنى علاقة بحكومة فلسطين"؛ بُغية اخراج الأردن من وعد بلفور الذي يعتبر الأردن امتداداً جغرافياً لفلسطين، كما اصدر المؤتمرون قراراً يقضي بمجابهة الهجرة اليهودية بإتجاه الأردن، ودعم الثورة السورية والفلسطينية وامدادها بالسلاح والرجال.

خريف عام ١٩٢٠ قاد الأمير عبدالله حملة انطلقت من معان تحت شعار تحرير سوريا ووصلت الحملة إلى عمان بداية عام ١٩٢١، لكن الظروف الموضوعية والواقعية لم تكن لتنجز هذا التحرير، هنا الإنجليز توافقوا مع الأمير عبدالله على إقامة حكومة عربية بمظلة الانتداب عوضاً عن الاحتلال المباشر ولتنجز ما يشبه نصف استقلال وبذات الوقت تكبح جماح العشائر والقبائل الثائرة والمطالبة بالاستقلال الكامل؛ ذلكَ أنه لم يكن باستطاعة الإنجليز تحمل كلفة احتلال مباشر للأردن، فأحد جنرالات الإنجليز يشرح صعوبة الوضع في الأردن بقوله "يبدو أننا نحتاج إلى سرايا عسكرية في كل منطقة للسيطرة على الأمور". في المقابل لم يكن في وارد الإنجليز الانسحاب من إقليم ذو مكانة استراتيجية يعد ممراً لمصالحهم، فكان الحل الأكثر توازناً من وجهة نظر الادارة البريطانية باقامة حكومة عربية أقل كلفة وأكثر كفاءة. إلاّ أنّ الشعب الأردني في بداية حكم الإمارة قاوم الحكومة العربية والبريطانيين تحت شعار "الأردن للأردنيين" و بثورات مسلحة في بدايات العشرينات (الكورة ، البلقاء، مناطق بني حسن).

في شهر تموز من عام ١٩٢٨ عُقد المؤتمر الوطني الذي ضم قيادات وطنية تمثل عشائر ومناطق الأردن كافة، وأصدر المؤتمر الميثاق الوطني الذي مثل عقداً اجتماعياً وسياسيا بين الهاشميين والأردنيين، وفوض المؤتمر الأمير عبدالله بإدارة البلاد على طريق الاستقلال الكامل على أن يُصار إلى انتخاب مجلس نواب يمثل الشعب الأردني وتُمارس الحكومة مسؤولياتها أمامه، وأن يحافظ الأمير على الالتزامات الدستورية وعلى مصالح الأردن والأردنيين، هذه هي الشرعية الحقيقية التي قامت عليها الدولة الأردنية أما باقي الشرعيات فهي وهمية و(متوهمة). لقد أدركت العشائر الأردنية بحسها السياسي السليم _ بعد حالة الاستعصاء في السنوات السابقة_هذا التوازن الواقعي والمصلحي، وعملت بمقتضاه خوفاً على الكيان الأردني من التعثر وشيوع الفوضى التي قد تفتح شهية الحركة الصهيونية للتمدد والتي اعتبرت قيام الامارة في الاردن طعنة بريطانية في الظهر لمشروعها التوسعي ونكوصاً عن وعد بلفور سيء الذكر؛ بل حتى ان الأحزاب العقائدية الجذرية في الاردن وعت هذه المعادلة السياسية الواقعية وبقيت تعمل تحت سقف الملكية وغطاء الشرعية العشائرية في كثير من الأوقات.

تولت بريطانيا للظل مع نهاية الحرب العالمية الثانية (١٩٣٩_١٩٤٥) ودخلت في مرحلة الشيخوخة السياسية لينزاح نفوذ وثقل المملكة العظمى عن صدر المنطقة وتضطر لفتح اقفال الاستقلال للبلاد الواقعة تحت سيطرتها كنتيجة موضوعية لانتهاء صلاحية الاستعمار وقدرته الذاتية على الاستمرار؛ كما كان تدخل أمريكا لوقف العدوان الثلاثي على مصر ايذانا بنهاية المحاولات البريطانية لإعادة نفوذها في المنطقة العربية وقد قرأ الملك حسين تلك اللحظة التاريخية المفصلية وسارع إلى أخذ قرار سيادي بتعريب الجيش الأردني وطرد الجنرالات الإنجليز ١٩٥٦ لتخرج بريطانيا العظمى من الباب الصغير في الأردن؛ هذه ببساطة قصة استقلال تلك البلاد لمن كره او أراد.

بيد أن هذا الأردن العظيم في ميدان الاحتفال باستقلاله يبدو استثناءً بين كل دول المنطقة التي تحتفل باستقلالها الشبيه باستقلالنا حيث يُستدعى في هذا اليوم من كل عام ديباجة التبعية والاستقلال الناقص والتجزئة القومية وأقنعة الأممية واختلال أسس المواطنة وتفشي الفساد كمبررات يسوقها المعترضون رفضاً ليوم الاستقلال الوطني ورمزية العلم الاردني، وبظني أن كل هذه التبريرات ليست الا ذرائع يسوقها هؤلاء كي لا يتجرعوا مرارة الاندماج بهوية اردنية جامعة مفروضة عليهم ومرفوضة منهم وهي نتاج تراكمي للوعي المبتور عن دولة وشعب وهوية اردنية وقعت على مر عقود ضحية سطوة الأيدلوجيا الحزبية_ الفكرية الشكل والعصبية المحتوى _ والتي تشعر بحالة عزلة سيكولوجية مع الدولة وبغربة مع الجغرافيا الاردنية وهو ما انعكس على نظرة هذه الفئات لتاريخهم ولوجودهم ومستقبلهم وتبعاً لذلك لنظرتهم ليوم الاستقلال.

وكعادتها لا تترك مثل هذه الفئات المبتورة اي فرصة لتوظيف اي حدث؛ بُغيةَ التنصل من عبئ استحقاق الاندماج بالهوية السياسية الأردنية والتنفيس عن احتقاناتهم المستعصية تجاه الدولة بذرائع متعددة، وغزة اليوم باعتبارها قضية الشرفاء وفرت لبعض من اولئك الموتورين الملاذ الآمن للنيل من الأردن بأريحية وتجميل وجه اعتراضاتهم المغرضة لتبدو بلا فجاجة، الأردن هذا الطبق الرئيس المعروض على الموائد منذ اليوم الأول للحرب على غزة والذي اشبعوه قذفاً وشتماً و ما شبعوا منه بعد، سيفوز قطعاً بالأبل كما فاز في كل منعطفاته التاريخية لا شك عندي في ذلك، لقد سحق الاردن منذ تأسيسه كل المشككين بقدراته و المهددين لكيانه و وجوده وسيسحقهم مجدداً....





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :