هزّاع المجالي (الشهيدُ والشاهدُ والمشهودُ له)
أحمد الحوراني
27-05-2025 05:00 PM
إطلاق الموقع الالكتروني للشهيد هزّاع المجالي بعد ستة عقود ونصف على استشهاده وبالتزامن مع عيد الاستقلال التاسع والسبعين للمملكة الأردنية الهاشمية، نقطة تُحسب لعائلة الشهيد ولأبنائه الكرام الذين كانوا حريصين على تضمين الموقع أبرز المحطات الفاصلة في حياة والدهم ولعلّي بهم وهم ممن يُشار إليهم بالبنان وفاءً وانتماءً للدولة وللعرش الهاشمي المفدّى، قد أرادوا الإضاءة على أكثر من رسالة أبرزها التأكيد على أهمية ربط الاستقلال المجيد بتاريخ وطن أردني حُرٍّ بناه الهاشميون بصلابة عزيمتهم وبالقاعدة الشعبية العريضة التي حوّلها مفهوم الأسرة الواحدة إلى قوة هائلة تحدت الصعاب والعقبات وقهرت الضيق والحاجة وضربت مع قيادتها بجرأة وشجاعة وإخلاص في دروب الكفاح الأصيل من أجل الرسالة والنضال الشريف في سبيل بلوغها.
هزّاع المجالي كان رجلًا من رجالات الدولة وحُقّ له تدوين سيرته وكتابة مذكراته الناصعة في إطار شكل الكتروني متقدم يستجيب لروح العصر وتداعيات مفرداته التقنية الحديثة، لكنه في الوقت نفسه يحافظ على الإرث الخالد للشهيد والشاهد على تطورات وأحداث جِسامٍ مرّت بها الدولة الأردنية وكان في مقدمة الصفوف يقف خلف قيادته الهاشمية يستلهم منها الرؤى ويعمل ضمن أقصى حدود وامكانات وخبرات متاحة أمامه ليبقى الأردن وطنًا قويًا قادرًا على صدِّ العاديات ودفع المُحدثات التي أرادت بوطننا ألا يتقدم خطوة إلى الأمام، وعندما نقرأ ذلك نعي وندرك أن هزّاع كان من الرجال الذي ساهموا في بناء كيان الوطن ودافعوا عن استقلاله ومقوماته ومقدراته الوطنية والقومية، وما الكتابة عنه والوطن يحتفل باستقلاله إلا إشارة منا إلى أن الحديث عن أبي أمجد هو حديث عن رمز يمثّلُ جزءًا من الذاكرة الوطنية بما ساهم به في عملية البناء الوطني ولما امتاز به من وعي وإحساس صادق بالمسؤولية انطلاقًا من جملة القيم والمبادئ التي اعتنقها الأمر الذي يجعل سيرته وتجربته الغنية تتجاوز حدود التجربة الشخصية لتصبح تاريخ مرحلة كانت لها معطياتها وخصائصها وأبعادها في حياة الوطن والأمة.
فكرة رائدة وعمل مضنٍ قام عليه ثلّة ممن يتقنون هذا النوع من العمل المفيد، وأرى بضرورة الترويج للموقع الالكتروني للشهيد والشاهد هزّاع المجالي ليطالع الناس وخاصة من بناتنا وأبنائنا من جيل الشباب والشابات في المدارس والجامعات سيرة رجل كان من جيل العمالقة ومن الأصلاء الذين لا تلد النساء مثله كل يوم، وما لا شك فيه أن الشهيد هزّاع عاش حياة لم تمتاز بطولها بل بعمقها لا سيما إذا ما عرفنا أنه كان رجلًا متعدد الجوانب يتبادر اسمه إلى الذهن إذا قيل تربية وتعليم واقتصاد وإدارة وفكر وحكمة وإخلاص ووطنية وصداقة ووفاء، وتلك الصفات مجتمعة كانت لتؤكد في دلالاتها أن الشهيد هزّاع المجالي كان لكل مجتمعه ووطنه وأمته إذ لم يكن طائفيًا ولا إقليميًا بل كان أردنيًا ووطنيًا وعربيًا قوميًا وإنسانًا، ونحن في الواقع وعندما يرحل رجلًا بهذا الحجم نشعر بالفقدان ونحس بأننا فقدنا مساحة شاسعة من تراثنا ذلك أن رحيل الروّاد هو الخسارة الحقيقية بعينها.
جميل جدًا أن يتم إطلاق سيرة حياة علم من أعلام الوطن الذين (جايلوا) الأردن منذ حروفه الأولى حتى صيرورته وطنًا للحرية والتعددية والديمقراطية وحقوق الإنسان وكرامة الأمة، وإذا كنا نكتب عن الشهيد والشاهد والمشهود له هزّاع المجالي، فإن المهمة يجب أن تكتمل حلقاتها ويجب تعميم تجربة الرجل ويجب أن نعلّم بناتنا وأبناءنا أن هذا الوطن قام على سواعد الرجال ممن أخلصوا لله وللملك وللوطن، ويجب أن يعرفوا أن هزّاع المجالي قد أُستشهد وهو على رأس عمله عندما كان يستمع للمواطنين وجهًا لوجه ويتبادل معهم الرأي والمشورة حول كثير من القضايا التي كان يعمل جاهدًا على حلِّها ما استطاع إليه سبيلا.
Ahmad.h@yu.edu.jo