استفتاء إيطاليا .. وجهه نظر
د. مالك القصاص
07-06-2025 04:29 PM
في يومي الأحد 8 والاثنين 9 يونيو 2025، سيصوت المواطنون الإيطاليون على استفتاء شعبي (referendum abrogativi) يشمل خمسة مواضيع تتعلق بقضايا العمل والجنسية.
الاستفتاء الشعبي هو اداة ديمقراطية تقوم على اقتراع عام مباشر يدعى إليه الناخبون للتعبير عن إرادتهم بشأن قوانين محددة وللفصل في تعديلات ذات طبيعية تشريعية أو دستورية، بطلب من الحكومة أو الأحزاب او النقابات او بناء على مطلب شعبي، حسبَ القوانين المعمول بها.
كما ويتطلب هذا النوع من الاستفتاء بلوغ النصاب القانوني، أي مشاركة ما لا يقل عن نصف عدد الناخبين المؤهلين زائد واحد. وإذا لم يتحقق هذا الشرط، يعتبر الاستفتاء لاغيا بغض النظر عن نتيجة التصويت، سواء أكانت الأغلبية لصالح نعم أو لا.
ومن الجدير بالذكر، انه أعلنت المحكمة الدستورية في إيطاليا عن قبول هذه الاستفتاءات في 20 يناير،2025 وذلك بعد ان تم جمع أكثر من 5 ملايين توقيع حول العمل من قبل النقابات العمالية (CGIL) التي قامت بالرعاية الترويج لهذه الاستفتاءات.
اما بخصوص الجنسية، فقد تم تقديم الاقتراح من قبل سكرتير حزب +أوروبا (+Europa)، ريكاردو ماجي. ومن بين الداعمين والمروجين للاقتراح حزب إعادة التأسيس الشيوعي (Rifondazione Comunista)، والحزب الاشتراكي الإيطالي (Partito Socialista Italiano)، وحزب بوسيبيلي (Possibile)، والراديكاليون الإيطاليون (Radicali Italiani)، والعديد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى العديد الشخصيات المعروفة، والتي جمعت أكثر من 637 ألف توقيع.
المواضيع المطروحة في الاستفتاء:
1) إعادة التوظيف في حال الفصل غير المشروع: اقتراح لإلغاء القيود المفروضة على إعادة الموظفين إلى عملهم إذا تم فصلهم بدون سبب قانوني، وهي قيود أقرها قانون جوبز آكت (Jobs Act).
2) التعويض عن الفصل الفردي: اقتراح لإلغاء القوانين التي تضع حداً أقصى للتعويض المالي في حال الفصل غير المشروع، خاصة في الشركات الصغيرة.
3) العقود المؤقتة والعمل المؤقت عبر وكالات: اقتراح لإلغاء القوانين التي تسهّل استخدام العقود المؤقتة والعمل عبر وكالات التوظيف، مما يجعل تجديدها وتمديدها أسهل.
4) المسؤولية في عقود المقاولات: اقتراح لإلغاء الأحكام التي تحد من المسؤولية المشتركة للجهة التي توكل العمل في حال وقوع إصابات للعمال في الشركات المتعاقدة أو المتفرعة.
5) الجنسية الإيطالية: اقتراح لتقليص مدة الإقامة القانونية المطلوبة لغير مواطني الاتحاد الأوروبي للحصول على الجنسية الإيطالية (من 10 سنوات إلى 5 سنوات).
في ذات الشأن، تعكس مواقف الأحزاب الإيطالية من الاستفتاءات الخمسة المقررة انقسامًا سياسيًا واضحًا بين اليسار واليمين. الأحزاب التقدمية مثل الحزب الديمقراطي (PD)، وحركة 5 نجوم (M5S)، وتحالف الخضر واليسار (Avs) تؤيد التصويت بـ"نعم" في معظم الاستفتاءات، خاصة تلك المتعلقة بإصلاح قوانين العمل وتوسيع حق الجنسية. في المقابل، تدعو أحزاب اليمين مثل إخوة إيطاليا (FdI)، والرابطة (Lega)، وفورزا إيطاليا (Forza Italia) إلى الامتناع عن التصويت كاستراتيجية لإبطال النتائج بعدم تحقيق النصاب القانوني. أما أحزاب الوسط مثل أتسيونِه (Azione) و+أوروبا (+Europa)، فتتبنى مواقف متباينة، حيث تؤيد تعديل قانون الجنسية لكنها تعارض التعديلات المقترحة على قوانين العمل.
أخيرا وكعادتي لابد ان اتناول الموضوع من زاويتي الأردنية حيث يتطرق الى ذهني الأحزاب والنقابات ودورهم في التنمية والإصلاح السياسي والاقتصادي، واسأل نفسي: هل لدى الأحزاب والنقابات خطط وبرامج لتعزيز بنية الدولة والمؤسسات، كي تبقى قادرة على مواجهة التحديات، خصوصا السياسية والاقتصادية، ولتحقيق التنمية والعدالة، والذي يمكن ان يساهم في بناء الثقة المطلوبة بين الشعب وقواه المجتمعية ومؤسسات الدولة، مع الاخذ بعين الاعتبار الاستفادة من خبرات البلدان الأخرى؟ لماذا لا يتم تنظيم النقابات واعادتها الى مسارها المهني والاهتمام بالموظف، والتعاون مع الأحزاب لتحديث واصلاح نظام الخدمة المدنية للقطاع العام، ولتحديث وتطوير قانون العمل والعمال، والعمل على زيادة الأمان الوظيفي وضمان حقوق العمال في القطاع الخاص؟