إلى أين يتجه هذا التصعيد الإسرائيلي الإيراني؟
د.محمد البدور
14-06-2025 03:23 PM
أيًّا تكن الأسباب والذرائع لهذه المناورات الإسرائيلية الإيرانية، برعاية أمريكية، فإن العرب والمنطقة، وعلى رأسهم الفلسطينيون، هم الخاسر الأكبر.
وحقيقة هذا الصراع أنه لا ناقة لفلسطين فيه ولا جمل، ولا علاقة له بالقدس. إنما هو صراع يستعرض فيه الطرفان الإيراني والإسرائيلي عضلاتهما وقدراتهما في المنطقة، لترهيبها وبسط النفوذ عليها.
الأردن تضرر أكثر من إسرائيل، أو على الأقل بقدرها، من صواريخ ومسيرات إيران؛ إذ لطالما تناثرت الشظايا ودوت الانفجارات في سماء الأردن وأرضه، وعلى مسامع أهله. فمَن يدفع لنا ثمن هذا البلاء الإسرائيلي الإيراني الذي يُلقى على وطننا؟
نحن نلعن إسرائيل، ونفرح لكل طلقة، ولو من خرطوش، تُطلق على رأسها. ولكن علينا أيضًا أن نقرأ ما بين السطور، وأن نتمعن جيدًا في ما وراء الأحداث التي تدور حولنا.
ولا يُستبعد أن تكون هذه البروباغندا جزءًا من متطلبات مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الأمريكي، الذي يقتضي من إيران أيضًا أن تلعب دورًا يتماشى مع مصالحه.
أما العرب، فما عليهم إلا الصمت، ودفع الثمن، وتكديس العتاد لمواجهة ما يُسمى اليوم "التهديدات والتحالفات"، وهي في معظمها من صناعة أمريكية – إسرائيلية – إيرانية مشتركة.
هذا التصعيد الإسرائيلي الإيراني لن يتجاوز حدوده أكثر من ذلك، ولكن قد يتساءل البعض: كيف لإسرائيل أن تصل إلى كل هؤلاء القادة الإيرانيين وتقتلهم، لولا وجود عملاء وأيادٍ نافذة في الداخل الإيراني ساهمت في إنجاح هذه المهمات، كمقدمة لتغيير سياسي واجتماعي وأيديولوجي؟
ذلك أن هؤلاء القادة يمثلون التيار المتشدد في النظام الإيراني، ويؤمنون بتصدير الثورة إلى المنطقة، وهو نهج لم يعد مقبولًا اليوم؛ لا من أمريكا، ولا من إسرائيل، ولا من دول المنطقة، ولا حتى من مصلحة إيران نفسها.
لذلك، يبدو أن إيران تريد اليوم أن تغيّر من لعبتها التي دامت خمسين عامًا منذ عهد الخميني، وأن تتغير في نهجها وتوجهاتها.
ما أتوقعه هو أن التغيير القادم سيكون من داخل إيران، وقد تشهد البلاد "ربيعًا شعبيًا ايرانيا مخضّبًا بالانفتاح على امريكا وأجمل من ذلك الربيع الذي عصَفَ ببلدانٍ من حولها.