الأردن لا يتاجر بالمواقف بل يصنعها
د. هاني العدوان
16-06-2025 12:50 AM
حين تتداخل الأصوات وتشوه الحقائق، يخرج البعض ممن اعتادوا الطعن والتشكيك، لينالوا من وطن لم يكن يوما إلا سندا لأمته ينهالون عليه بالافتراءات، ويزيفون مواقفه، ويغمزون من قناته، متناسين أن الأردن لم يكن يوما ساحة عبور للصفقات أو حارسا لغير حدوده، بل كان دائما صاحب موقف وسيادة لا تقبل التنازل أو التأويل.
قالها الأردن بوضوح وعلى لسان قيادته، لسنا ساحة حرب للآخرين، ولن نسمح باستخدام أرضنا لتصفية الحسابات، لسنا وكلاء عن أحد، ولا أدوات في يد أحد، جيشنا ليس جيشا مأجورا، بل جيش يحمي تراب الوطن ويدافع عن سيادته وشعبه.
هذا الوطن لم يكن يوما على الهامش، بل كان في قلب المعركة، قلبا وقالبا مع فلسطين والعرب، لا بمواقف صوتية بل بالفعل والدعم والتضحية، دافع بشرف في اللطرون وباب الواد، وسالت دماء رجاله على كل شبر من أرض فلسطين، ولا تزال قبور الشهداء هناك تنبض بالعروبة، وتروي قصة شرف لا تموت، معركة الكرامة وحدها تكفي لتلقم كل مشكك حجمه، فهي ليست فقط صفحة نصر، بل شهادة ميلاد لعقيدة لا تقبل الهزيمة، ولا تقبل المساومة على الأرض ولا على الكرامة.
غزة ما كانت وحدها يوم اشتدت الخطوب، ومن أول من كسر الحصار وأدخل المساعدات، وأرسل الطائرات والمستشفيات الميدانية، وكان الملك نفسه في طليعة من قاد هذه المهمة، من الذي فتح مستشفيات قواته المسلحة لاستقبال الجرحى والمصابين، من الذي يرسل طائراته إلى غزة يوميا ليقل المصابين ويعالجهم دون ضجيج، إنه الأردن، لا غيره، لا مزايدة في المواقف، ولا متاجرة بالألم، بل فعل أصيل يليق بوطن أصيل، والمواقف الكبيرة لا تحتاج إلى ضجيج.
أما جيشنا العربي، فقد حمل رسالة إنسانية نبيلة، شارك في بعثات حفظ السلام، وقدم العون في أصعب الظروف، ونشر الأمان حيث غابت العدالة، هو جيش وطني عروبي، لا تحركه الأهواء ولا تضلله الأجندات، يرفع الراية الأردنية ويدافع عن القيم النبيلة التي نشأ عليه.
مؤسف أن يشكك بعض من يحملون هوية هذا الوطن في ولائه، وأن يتنكروا لتاريخه، وهم يتنقلون بجوازه ويستظلون برايته، بينما يصطفون في طوابير التبعية وينطقون بلسان لا يشبه هذا البلد، ليسوا أصحاب رأي، بل أتباع أوهام، يظنون أن النيل من الأردن يرفع شأنهم، ولا يدركون أنهم يسقطون في اختبار الانتماء في كل مرة يتحدثون.
الأردن لا يحتاج إلى شهادات من هواة الشتائم أو محترفي الطعن، مواقفه راسخة، صنعها برجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وجيشه باق، صامد، عنوان للمروءة، ودرع يحفظ الوطن، ومصدر فخر للأمة.