إيران ليست المنقذ بل أحد أسباب الكارثة
محمد علي الزعبي
16-06-2025 04:56 PM
محمد علي الزعبي
في زحمة الصراعات الإقليمية، والتموضع الجيوسياسي الجديد، يتسلل بعض "المصفقين" لإيران في المشهد الأردني بعبارات منمقة وشعارات طائفية أو سياسية، وكأن طهران لم تكن يومًا مشروعًا توسعيًا واضح المعالم والأهداف، أو كأنها لم تكن خلف الفوضى في عواصم عربية عريقة، وتغذي بالمال والسلاح أجندات تتناقض مع سيادة الدول واستقرار شعوبها.
هؤلاء المصفقون يغفلون – أو يتغافلون – أن لإيران سجلًا حافلًا بالتدخلات العبثية في شؤون الدول العربية، وأنها لم تكن يومًا إلى جانب استقرار الأردن، بل تنظر إليه من زاوية موقعه الاستراتيجي وثقله السياسي، كعقبة أمام أطماعها الإقليمية الممتدة من الخليج إلى بلاد الشام.
إيران لا تخفي موقفها السلبي من الأردن، رغم كل الخطابات الدبلوماسية الهادئة. تصريحات مسؤوليها، ورسائل وكلائها في المنطقة، لطالما حملت تهديدًا مبطنًا لأمن الأردن، سواء عبر محاولات التغلغل داخل النسيج الاجتماعي، أو من خلال دعم تهريب السلاح والمخدرات إلى حدودنا الشمالية، وهي مؤشرات مقلقة على مشروع استهداف مباشر لسيادة الأردن واستقراره.
ولمن لا يعلم، فإن الأردن بقي صامدًا بوجه مشاريع زعزعة الاستقرار التي مولتها إيران، سواء من خلال أدواتها العسكرية في الجنوب السوري، أو عبر نشاطات استخبارية معقدة هدفها إرباك الجبهة الداخلية وتمرير أجندة خارجية لا علاقة لها بفلسطين، ولا بكرامة الشعوب، بل بخدمة مشروع ولاية الفقيه وتوسيع نفوذ طهران في الإقليم.
لمن يطبلون لطهران ويمنحونها صكوك "المقاومة"، نسأل: أين كانت إيران حين احترقت بغداد؟ وأين كان صوتها عندما تدمرت حلب وسقطت صنعاء وانهارت بيروت؟ لماذا كانت دائمًا جزءًا من الصراع، لا عامل تهدئة؟ لماذا كلما دخلت دولة عربية، دخلتها الفوضى من أوسع أبوابها؟ المعادلة واضحة: إيران تستثمر في الانقسام، وتعيش على تغذية الطائفية، وتُحسن صناعة الشعارات أكثر من خدمة الشعوب.
الأردن دولة ذات سيادة، ذات قرار مستقل وموقف مبدئي من كل قضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. لكنه لم ولن يكون تابعًا لأجندات مذهبية أو توسعية، لا من طهران ولا من غيرها. أمن الأردن خط أحمر، ومشروعه النهضوي الوطني لا يسمح لأي طرف خارجي أن يُصفي حساباته على أرضه أو من خلال مجتمعه.
الأردن اليوم بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، يقف بصلابة في وجه مشاريع العبث، ويؤكد في كل المحافل أن أمنه القومي يبدأ من وعي شعبه، ومن وضوح البوصلة السياسية التي لا تحيد عن العروبة والكرامة والسيادة.
توقفوا عن رفع صور لا تنتمي لهذه الأرض، وعن ترديد شعارات تُبجل طهران بينما تتجاهل شهداء وطنكم وحدوده المُستهدفة. لا تبيعوا الوهم لأهل هذه الأرض، فإيران لا تنظر إليكم إلا كأدوات وظيفية، تستخدمها وتُنكرها حين تنتهي صلاحيتها.