الحرب الإيرانية الإسرائيلية .. تصعيد أم تهدئة؟
إسراء خالد بني ياسين
24-06-2025 12:29 AM
بين رياح التصعيد العاتية وأمل التهدئة ، تعيش منطقة الشرق الأوسط على صفيح ساخن نتيجة التوتر المتزايد بين إيران وإسرائيل. فالخلاف القديم يتجدد اليوم بأشكال أكثر تعقيدًا وخطورة، ويضع المنطقة أمام مفترق طرق خطير، فالوضع الان يتجه إما للانزلاق نحو مواجهة شاملة، أو تثبيت معادلة ردع جديدة تؤجل الحرب إلى حين.
ان مؤشرات التصعيد حرب لم تعد تخفى على احد كما ان مؤشرات التهدئه تظهر من خلال غزل التصريحات بين واشنطن وطهران.
فبعد ان كثفت اسرائيل ضرباتها الجوية على مواقع إيرانية في سوريا ولبنان انتهت برحيل سريع غير متوقع لايران بأنتصار الثورة السورية وبعد قضية البيجرات في لبنان اصبح وزن القوى الايرانية منكفئ داخل حدود ايران ذاتها.
وكما هو متوقع ومع زوال خطر حزب الله وخطر الوجود الايراني في سوريا جاءت الضربة الاسرائيلية على ايران تبعها الرد الايراني المتدرج بالقوة الصاروخية والطائرات المسيرة انتهت باستهداف منشآت نووية وعلماء بارزين في عمليات يرجّح أنها نفذت من قبل الموساد الإسرائيلي أو بالتعاون مع أطراف داخلية.
ورغم سخونة المشهد، تلوح في الأفق محاولات لاحتواء التوتر، تقودها أطراف إقليمية ودولية.
الولايات المتحدة، وقطر، وسلطنة عمان، تتحرك عبر قنوات دبلوماسية للحد من التصعيد ومنع انزلاق الأوضاع إلى حرب شاملة.
وفي العمق، يبدو أن الطرفين – رغم الاستفزازات المتبادلة – يدركان أن الحرب المفتوحة ليست خيارًا مربحًا لأي منهما.
وكما هو الحال إيران تعاني من أزمة اقتصادية خانقة وعقوبات مرهقة، وإسرائيل ليست في أفضل حالاتها داخليًا، وسط احتجاجات وقلق من الجبهات المحيطة.
بشكل عام فإنه يمكنني القول بان المنطقة كلها على المحك.
ولكن علينا ان نعي لان أي مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل لن تبقى محدودة بين طرفين.
ستكون حربًا إقليمية متعددة الجبهات، يتداخل فيها السياسي بالديني، والاقتصادي بالعسكري ما لم يفكر جميع الاطراف بابعاد اي اتساع لنطاق الحرب.
فالمنطقة تعاني أصلًا من هشاشة في الاستقرار، وأي تصعيد قد يعصف بها جميعًا، من الخليج حتى شواطئ المتوسط.
ومن هنا فان السيناريو الأقرب تصعيد مضبوط لا حرب شاملة ربما يكون متفق عليه لحفظ ماء الوجه لجميع الاطراف ويعتبر كل طرف منهم نفسه منتصرا.
لهذا وفي ضوء كل المعطيات، يبدو أن السيناريو الأقرب هو "التصعيد المحسوب": عمليات عسكرية محدودة، رسائل نارية، واشتباكات بالوكالة دون انجرار لحرب كبرى.
الطرفان يتبادلان الضربات لكنهما يتجنبان "الضربة القاصمة". والوسطاء مستمرون في مساعيهم، فيما الشعوب تترقب بصمت ما سيحمله الغد.
كل المؤشرات تقول بان لا حرب شاملة حتى اللحظة، ولا تهدئة كاملة كذلك.
فنحن في منطقة رمادية خطرة، حيث كلمة واحدة، أو صاروخ خاطئ، قد يشعل النيران.
التصريحات الروسية تفيد احتمالية قيام جهات معينة بتزويد ايران برؤوس النووية من شأنه ان يشعل الامر ومن شأنه ايضا ان يكون رسالة ردع لامريكا واسرائيل بضرورة عدم التمادي في ايران.
لحد الان يمكنني القول بان الشرق الأوسط ما زال يراوح في دائرة الخطر، ينتظر قرارًا، أو خطأ، يغيّر وجهه إلى الأبد ولكن يجب علينا ألا ننسى بأن ما جرى من ضرب وقصف اسرائيلي لايران وتبعه قصف امريكا للمنشآت النووية وتأخر ايران في الرد وفي كل الحالات كانت هناك عمليات اخلاء للمنشآت النووية والعسكرية وغيرها في كلا الجانبين واخرها في قاعدة العديد في قطر يعطينا مؤشرا قويا بأن المفاوضات على اساس لا غالب ولا مغلوب تقريبا قد تبدا في اي لحظة.