يبدو أنّ العلاقة القوية بين طهران و الدوحة لم تشفع لقطر لردّ شكليّ ايراني معلوم مسبقا ( حسب تصريحات ترامب ) يستهدف قاعدة العديد الامريكية فيها , فايران التي حاولت الاعتذار بشكل غير مباشر عبر التعبير عن دفء علاقاتها مع الدوحة خرقت السيادة القطرية بشكل غير مقبول , فوجود قاعدة امريكية في قطر لا يعطي لها شرعية في الردّ مطلقا عبر استهدافها.
خيارات ايران كانت محدودة للغاية , فهي لا تستطيع بأي شكل من الاشكال اظهار قوة مفرطة توقع ضحايا بالمئات كما يحدث معها من الضربات الامريكية و الاسرائيلية , ففي النهاية تعي طهران جيدا أنّ هذا الثنائي يريد تدمير طموحها النووّي بشكل خاص , لكن النظام بحدّ ذاته ليس غاية , لكن إن تمادت حسب تصريحات واشنطن بالردّ و الهجوم قد يكون النظام هدفا و غاية.
ايران تهتم جدا لصورتها أمام شعبها و العالم , فهي التي صدّرت صورة الدولة التي لا تقهر , صاحبة العروض العسكرية و الصواريخ ذات المسمّيات القاهرة , هي التي قالت يوما أنّها قادرة على تدمير تل أبيب في دقائق , تواجه اليوم تحديات مصيرية أمام تداعٍ للنفوذ و القوة , فحتى أذرعها باتت اليوم مبتورة في لبنان و سوريا و بشكل أقل في اليمن و العراق .
لذلك ستلجأ ايران للمفاوضات , للحفاظ ولو قليلا على صورة من الاستقرار , ولإبقاء النظام بعيدا عن أي اهتزازات قد تحدث نتيجة لضربات اعمق أو حصار اوسع.
الشعب الايراني قد يتعاطف اليوم مع نظامه , بالرغم من الاحتقان الكبير الواقع بين الشعب و الحكومة , فالشعب الايراني ثار مرّات عديدة ضد النظام , كان آخرها عقب حادثة الشابّة مهسا أميني و ما تبعها من انتفاضات , لكنّه دائما ما كان يواجه عبر القوة والقمع .
اليوم الكرة في ملعب ايران, فإمّا تقديم التنازلات و وقف الانتهاكات الاسرائيلية للسماء الايرانية التي باتت عارية تماما و بشكل غريب , أو ستستكمل واشنطن الضربات لتعيدها لعهد الدولة الساسانية .
من الواضح أن واشنطن تريد هذه الحرب حربًا سريعة جدا , غير مكلفة من الناحية الاقتصادية أو حتى البشرية , فما ارادته واشنطن عبر ضرب مفاعلات ايران قد حققته , لذلك تأتي أي تحركات لاحقة ضمن اطار تحسين الخطة المكتملة أصلا , فالهدف و العنوان و الغاية قد تحققت جميعها عبر طرح البرنامج النووي نحو سراديب الفشل , لذلك لن تغامر امريكا على الارجح في حرب طويلة , خصوصا لقرب ساحة الحرب من مصالح امريكية و دول الخليج أو لكي لا تسمح لروسيا بدعم ايران كما يجب.
خبر استهداف قطر عبر الصواريخ الايرانية احدث جلبة في قناة الجزيرة, وهي التي تنقل الاخبار بسرعة الضوء من جزيرة هاواي أو حتى القمر , مرّت دقائق طوال قبل أن تذيع هذا الخبر العاجل غير المألوف , هنا قد تتجلى عدم حيادية و مهنية و موضوعية الاعلام في تناول اخبار تتعارض مع اجنداته و التيار الذي يسير عليه , فمن المفترض أن الحرب قد وقعت للدفاع عن غزة , فلماذا قامت ايران باستهداف صديقتها " قطر " أو من الحب ما قطر ؟.