هاجمت اسرائيل ايران فجر الجمعة 13 الجاري ،لتحقيق ثلاثة اهداف رئيسية ،الاول تدمير البرنامج النووي الايراني ،والثاني تدمير البرنامج الصاروخي البالستي ،والثالث تغيير النظام في طهران.
وقد فشلت في تحقيق الاهداف الثلاثة ،كما فشلت في عدوانها على قطاع غزة ولم تحقق ايا من اهدافه.
انشأت اسرائيل في ايران بنية تحتية تجسسية قوية وواسعة الانتشار ،اعتمدت بشكل رئيسي على العنصر البشري ومن ثم التكنلوجي،عكس ما فعلت مع حزب الله في لبنان، حيث اعتمدت على التكنلوجيا والتجسس الالكتروني اكثر من اعتمادها على العنصر البشري، ونجحت في لبنان وفشلت في ايران، رغم الخسائر التي الحقتها بهذا البلد من حيث الوصول الى القيادات العسكرية واغتيالها ،لكن ايران امتصت الضربة، وعادت الى وضعية الدفاع والهجوم ،واذلت الكيان ودمرت مدنه ومنشآته الاقتصادية والعسكرية والامنية والبنى التحتية،واجبرت عشرات الالاف على المغادرة والملايين على المبيت في الملاجيء ،وكبدته خسائر هائلة بالارواح والمصابين والبنى التحتية المختلفة,ويقال ان ثلث تل ابيب بات مدمرا بالكامل،واجزاء كبيرة من حيفا وبئر السبع وغيرها.
وفقا للحسابات التاريخية والارشيف العسكري والحربي للكيان الغاصب،فقد هزمت ايران اسرائيل كما هزمتها غزة ،وللمرة الثانية في غضون اقل من عامين، تذوق اسرئيل مرارة الهزيمة العسكرية ويمرغ انف نتنياهو برمال غزة ودخان صواريخ ايران.
للمرة الاولى منذ ثمانين عاما تقريبا ،يتعرض عمق الكيان واطرافه وكل مساحة فلسطين المحتلة ،لقصف صاروخي عنيف وشامل مركز وموجع ،اجبر الاحتلال على تهريب طائراته العسكرية والمدنية الى دول اوروبية وامريكا ، والمستعمرين والمستوطنين على مغادرة الكيان والاقامة في الملاجيْ.
لاول مرة يطلب اعضاء كثيرون في الكونغرس الامريكي من البيت الابيض ،العمل السريع على تأمين مغادرة سبعمائة الف يهودي امريكي من الكيان ،وكان ستة آلاف منهم بانتظار السفن للهرب فورا عبر الموانيء،وهم اول جالية اجنبية استعدت للرحيل ،مما يؤكد عدم شرعية وجودهم في فلسطين المحتلة ،وعدم ارتباطهم بأرضها المغتصبة.
خلال ايام هذه الحرب ،التي اقتصرت على القصف والغارات المتبادلة ،ولم تأخذ شكل المواجهة العسكرية البرية ،التي في العادة تحسم نتائج الحروب،ظهرت عدة حقائق، اهمها، ان اسرائيل يمكن ضربها وهزيمتها والانتصار عليها ،او على الاقل منعها من تحقيق اهدافها العسكرية والامنية ،وان كل دولة باستطاعتها ضرب هذا الكيان الفاشل والمؤقت،وانه لا يمكن لأي دولة في العالم ان تؤمن له الحماية الكاملة والدائمة ،وان اسرائيل ليست قدرا في هذه المنطقة ،بل يمكن اهانتها واذلالها عسكريا.
اليوم مع دخول اتفاق وقف اطلاق النار حيز التنفيذ،كشفت هذه الحرب ان ايران صمدت اثناعشر يوما لوحدها في مواجهة اسرائيل المدعومة امريكيا واوروبيا ،كما هو حال قطاع غزة تماما،الذي ما يزال صامدا منذ اكثر من عشرين شهرا.
من اهم نتائج هذه الحرب ان البرنامج النووي الايراني والبرنامج الصاروخي البالستي ونظام الحكم في طهران ،كلها ما تزال على قيد الحياة والعمل والامل ،وامامها مستقبل مشرق.
وان الكيان تهشم وتحطم وتكسر ،وخسر الكثير داخليا واقليميا ودوليا وعلى جميع المستويات ،ودخل في ازمة وورطة داخلية واقليمية ودولية.
المطلوب من ايران حاليا ،اولا، ان تربط بين استقرار الاقليم وبين وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة ،وان لا تكرر الخطأ التاريخي القاتل، وهو عدم التدخل بعد السابع من اكتوبر بشكل مباشر،وان تتنبه جيدا الى اوضاعها الداخلية وتحصين جبهتها الداخلية من الاختراقات الامنية الاسرائيلية ،وان تبذل في هذا الوقت جهودا مكثفة في البحث عن خلايا التجسس وقواعدهم الداخلية ،وتفكيك بنياهم التنظيمي في جميع انحاء البلاد،وان تستعد جيدا للجولات القادمة من الحروب مع الكيان الغاصب والاعداد لذلك والاستعداد.
كما هو مطلوب منها ،تعزيز تحالفاتها مع روسيا والصين وكوريا الشمالية والدول الاسلامية ،وانهاء الخلافات والعداء مع الدول العربية بشكل نهائي.
يجب ان تتعلم ايران الكثير من الدروس والعبر من هذه الحرب،على جميع الصعد الداخلية والاقليمية والدولية.
وأولها ،ان تضع شعارا على جدران المباني في ايران،بان الكيان وامريكا واوروبا، لا يؤتمن جانبهم نهائيا.
القادم يشير الى ان ايران فرضت وجودها ونفسها ،كقوة اقليمية عظمى في منطقة الشرق الاوسط ،وانها شريك رئيسي في اي تغييرات مستقبلية قد تحصل في المنطقة، وان ادعاءات نتنياهو بقدرته على تغيير وجه الشرق الاوسط كاذبة ولن تنجح، وان الوجه الوحيد الذي سوف يتغير ويزول هو وجهه القبيح الدموي المجرم .