facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل فقدت التجارة التعليمية والصحية إنسانيتها؟


د.محمد البدور
26-06-2025 06:22 PM

في مشهد يُؤلم الضمير الإنساني، تمنع جامعة خاصة عددًا من طلبتها من دخول الامتحانات، ما لم يستوفوا كامل أقساطهم، ويحصلوا على "براءة ذمة" من الدائرة المالية. وفي واقعة مشابهة، يمتنع مستشفى خاص عن صرف دواء لمريض يرقد في قسم العناية الحثيثة، بحجة أن الدواء غير مشمول بالتأمين الصحي، ويُطلب من ذويه دفع ثمنه مسبقًا. بل يُبلغ المحاسب أحد أبناء المريض بأن الدواء أُوقف بقرار إداري، وقبل حتى أن يُخطروا بذلك رغم ان الدواء من مستلزمات العلاج الضرورية لحياة المريض

هذه الإجراءات المتكررة، والمجردة من الحد الأدنى من الرحمة، أصبحت ظاهرة في العديد من الجامعات والمستشفيات الخاصة، وهي ليست فقط مخالفة للأعراف الاجتماعية والإنسانية، بل أيضًا للقوانين المدنية، التي لا تمنح أي جهة – تعليمية كانت أو طبية – حق استيفاء المال بنفسها، عبر معاقبة الطالب بالحرمان، أو المريض بوقف العلاج، خاصة حين يكون على سرير الموت أو الحياة.

يرى العديد من الخبراء القانونيين أن هذه الأفعال لا يجوز أن تتم إلا عبر الأدوات القضائية والقنوات القانونية المختصة، في حال تخلّف الطالب أو تعثّر المريض عن الوفاء بالتزاماته. أما أن يتحوّل التعليم إلى سلعة، والدواء إلى صفقة... فذلك هو الخطر الحقيقي الذي يُهدد نُبل الرسالة، ويُفرغها من مضمونها الإنساني.

إن هذه الممارسات تخدش الكرامة الإنسانية، وتفضح كيف تحولت الرسالتان: التعليمية والصحية، من مهمتين نبيليتين إلى مشاريع ربحية تجارية، لا تعرف غير لغة الأرقام والحسابات البنكية.

ومع الأسف، كثيرٌ من هذه المؤسسات لا تكتفي بالمتاجرة في الرسالة، بل تُهمل جانبًا أساسيًا من دورها، وهو المسؤولية المجتمعية. فلا نسمع منها عن مبادرات مجتمعية حقيقية، ولا عن برامج لدعم المناطق المحرومة، ولا حتى عن احترام حقوق العاملين فيها من موظفين وأكاديميين وعاملين، إذ يتم التعدي على حقوقهم تارة بالتأخير، وتارة بالاقتطاع.

ورغم شكاوى هذه المؤسسات الدائمة من "قلة الحيلة"، نراها تتوسع، وتزيد رقعة خدماتها ومبانيها، وتنفق على التسويق أكثر مما تنفق على خدمة مجتمعاتها. لكنها تضيق ذرعًا بطالبٍ فقير من الريف أو مريضٍ معوز من البادية.

أين رسالتكم الطبية؟ أين برامج التوعية الصحية؟ أين ثقافة الوقاية من الأمراض والإدمان والمخاطر المجتمعية؟

وأين مبادرات صروحكم العلمية الشامخة، بعماراتها الفخمة وساحاتها الشاسعة، من إقامة حديقة أطفال، أو دعم طالب متميز، أو بناء خيمة ثقافية صيفية في القرى النائية؟

المسؤولية الاجتماعية ليست ترفًا ولا إعلانًا، بل التزام وطني وإنساني.

لن يؤدي هذه الرسالة إلا من آمن بها، وعاش قيمها، أولئك العظماء، الرسل الحقيقيون للإنسانية، في أوطانهم وبين أهلهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :