facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حماس و "moment of the truth"


فيصل سلايطة
30-06-2025 01:23 AM

تواجه حركة حماس، في هذه المرحلة، واحدة من أعقد اللحظات في تاريخها السياسي والعسكري. تجاوزت التطورات الأخيرة في قطاع غزة حدود المتوقع، ودفعت الوضع إلى مأزق غير مسبوق. لم يعد ممكنًا إدارة الأزمة بالأساليب التقليدية نفسها، ولا بالإجابات الجاهزة التي كانت تُقدَّم في كل مرة. لحظة الصدق تفرض نفسها اليوم بقوة، لا على الحركة فقط، بل على الفلسطينيين جميعًا.

منذ السابع من أكتوبر، دخلت غزة في مواجهة عسكرية ذات أبعاد غير متوقعة. الرد الإسرائيلي جاء عنيفًا وشاملًا، واستُهدِف المدنيون والبنى التحتية بلا تمييز. خلال أشهر قليلة تعرض القطاع لتدمير واسع النطاق، وخسائر بشرية كارثية. ومع تفاقم المعاناة، بدأت الأسئلة تتصاعد بصوت أعلى: ما الغاية من هذه المعركة؟

وهل كانت الحركة مستعدة فعلًا لتحمّل نتائجها؟ وهل هناك أفق واضح لما سيأتي بعدها؟

المشكلة الأساسية اليوم لا تكمن في نوايا المقاومة، بل في قدرتها على قراءة الواقع والتعامل معه. ليس كافيًا أن تقول الحركة إنها قاومت.

السؤال المطروح الآن: وماذا بعد؟

إلى أي مدى تم التفكير في المسار الذي سيتبع اندلاع المواجهة؟ وما هي الخطوات الواقعية التي تضمن حماية المدنيين بعد أن أصبحوا في قلب الكارثة؟

في هذا السياق على حماس أن تصارح الشعب الفلسطيني بحقيقة الوضع، وتعترف بأن الطريق الذي سلكته قد وصل إلى نهايته، وأن الوقت قد حان للتصرف بمسؤولية، حتى وإن تطلّب الأمر اتخاذ قرارات صعبة مثل تسليم الرهائن إلى جهة عربية تستطيع التفاوض مع إسرائيل من موقع يحفظ حياة المدنيين، ويفتح نافذة لتخفيف الضغط عن القطاع.

هذه ليست دعوة إلى الاستسلام، بل إلى التعامل مع الواقع كما هو، لا كما نرغب أن يكون. الصمت في هذه اللحظة ليس خيارًا، والمراهنة على صبر الناس إلى ما لا نهاية أمر لا يمكن قبوله سياسيًا أو أخلاقيًا.

الشعب الفلسطيني في غزة يعيش تحت الحصار والقصف والفقر والنزوح. وفي ظل هذا الانهيار الإنساني، يصبح من الواجب على من يقود أن يتحمل مسؤولية القيادة كاملة، بما في ذلك الاعتراف بالخطأ، ومراجعة المسار.

الرهائن الذين ما زالوا في قبضة حماس أصبحوا عبئًا سياسيًا وإنسانيًا. استمرار احتجازهم لن يُفضي إلى مكاسب، بل يزيد من تعقيد الأوضاع. تسليمهم إلى وسيط عربي مثل مصر أو السعودية أو الجامعة العربية لا يُفقد الحركة مشروعيتها، بل يعيد توجيه المسار نحو أفق أكثر عقلانية.

مثل هذه الخطوة من شأنها أن تنقل رسالة واضحة إلى الداخل الفلسطيني والخارج، مفادها أن حياة الناس أولوية " تلك التي حالفها الحظ أن تبقى" ، وأن هناك من ما زال يفكر في سلامة المجتمع قبل أي حسابات أخرى.

من المهم أيضًا الاعتراف بأن هذه الحرب، كما حدثت، لم تكن ضمن حسابات الفلسطينيين. لم يستشر الشعب، ولم يُعطَ فرصة للنقاش أو الرفض أو القبول. حركة حماس اختارت توقيت وشكل المواجهة، وحمّلت القطاع بأكمله تبعاتها. وفي ظل هذا الواقع، فإن الحديث عن "الواجب الوطني" لا يكفي لتبرير حجم الخسارة. الشجاعة لا تتجلّى في مواصلة الطريق رغم الدمار، بل في التوقف عند اللحظة التي يصبح فيها الاستمرار خطرًا على الجميع.

لا أحد يطلب من الحركة أن تتخلى عن مبادئها، ولا أن تخرج من المشهد. المطلوب اليوم فقط أن تعيد النظر في أولوياتها، أن تُقدم المصلحة العامة على الأهداف الخاصة، وأن تفصل بين ما هو شعاري وما هو ضروري للحياة اليومية للفلسطيني.

لا يمكن قيادة مجتمع منهك بهذه الطريقة، ولا يمكن الحديث عن صمود طويل الأمد في ظل غياب مقومات الحياة الأساسية ، فالحليب بات خطرا على تل ابيب لدرجة لا تستطيع أو تقبل دخوله إلى القطاع ، فأي ظرف هستيري هذا؟.

المستقبل الفلسطيني لا يمكن أن يُبنى دون مراجعة جذرية، تبدأ من الاعتراف بأن بعض القرارات التي اتخذت خلال الأشهر الماضية كانت خاطئة. وهذا الاعتراف ليس ضعفًا، بل بداية لمسار مختلف. من دون هذه المراجعة ستتكرر الأخطاء نفسها، وسيستمر الشعب في دفع ثمن لا يتحمّله أحد سواه.

التعامل مع هذه اللحظة يتطلب خطابًا جديدًا. ليس خطابًا تصالحيًا مع العدو، بل مع الذات الفلسطينية. خطاب واضح، مسؤول، يعترف بأننا في مأزق، وأن الخروج منه يتطلب التزامات جديدة.

على الحركة أن تفتح المجال أمام شركاء فلسطينيين آخرين، وأمام جهود عربية ودولية، لإدارة المرحلة القادمة بطريقة تحمي ما تبقى، وتضمن استمرار القضية الفلسطينية كقضية سياسية وإنسانية، لا كحالة مأساوية دائمة.

كما أن الحركة، إن أرادت الحفاظ على ثقة الناس، فعليها أن تتحمل مسؤولية ما حدث. لا يكفي التلويح بأن إسرائيل هي العدو الوحيد. هذا أمر مفروغ منه. لكن مسؤولية القيادة تعني التعامل مع الأعداء بكفاءة، لا الاكتفاء بتسميتهم.

في هذه اللحظة، لا مفر من القرار الصعب. تسليم الرهائن خطوة أولى. فتح المجال للوساطات خطوة ثانية. الاعتراف بأن المسار القائم لا يمكن استمراره خطوة ثالثة. من بعدها، يمكن الحديث عن استعادة وحدة الصف الفلسطيني، وتفعيل دور المؤسسات، وإعادة بناء ما تهدّم، فكريًا ومجتمعيًا، لا عمرانيًا فقط.

على حماس اشراك الشباب الفلسطيني ، ذلك الذي تقاذفته امواج الغربة و الحرب ، فمثلا أيوجد عاقل يرفض الصورة الجميلة القوية التي يصدّرها معتز عزايزة إلى العالم؟ تعريفه الجديد الذي يرويه للناس عن غزة؟ معاناتها؟ حتى رفضه لحماس الذي بات يعبّر عنه علنا ، هو حق من حقوقه المشروعة في رفضها أو حتى تأييدها .

لن تُنسى غزة. لكن من يقرر إن كانت ستبقى رمزًا للمقاومة أو عنوانًا للدمار هو القرار الذي يُتخذ اليوم. لحظة الصدق ليست رفاهية سياسية، بل ضرورة. والاستمرار في المراوغة لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة، والدم، والانهيار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :