عشائر وسط إربد: آن آوان استعادة الدور والقرار
د. حمزة الشيخ حسين
01-07-2025 12:00 PM
وسط مدينة إربد، هذا القلب النابض بالتاريخ والوعي والانتماء، لم يكن يومًا هامشيًا أو تابعًا، بل كان في طليعة العمل الوطني والسياسي منذ الخمسينات والستينات. فمن هذه الأرض خرجت أسماء لامعة حفرت حضورها في ذاكرة الأردن الحديث، وعلى رأسهم: وصفي التل، شفيق أرشيدات، فضل الدلقموني، وأحمد خريس، وعلي خلقي الشرايري إلى جانب العائلات العريقة من أبناء المدينة الأصلية الذين شكّلوا رموزًا بارزة في بناء الدولة، وصناعة القرار، وترسيخ المفهوم الحقيقي للقيادة الوطنية الأصيلة.
لكن، رغم هذا التاريخ المشرّف، نجد اليوم تراجعًا واضحًا في حجم التمثيل السياسي والاجتماعي لأبناء المدينة الأصلية، وهو أمر لا يمكن تفسيره بمنطق التطور الطبيعي للأمور، بل هو نتيجة تراكمات من الإقصاء والتهميش وغياب التنسيق الجماعي.
صحيحٌ أن هناك بعض النواب من أبناء المدينة، لكن هذا لا يكفي، ولا يعكس حجم المدينة وثقلها التاريخي، ولا يعوّض عن غيابها عن الهيئات الرياضية، والمؤسسات الأهلية، ومراكز التأثير المجتمعي.
من هنا، فإن استعادة الدور ليست مجرد رغبة، بل حقّ تاريخي وعدالة اجتماعية، ومطلب وطني ينبغي أن يتحقق من خلال التكاتف والتلاحم بين العائلات، والشخصيات المجتمعية، والمثقفين، والشباب.
أبناء وسط مدينة إربد لم يتوقفوا يومًا عن العطاء، فهم ما زالوا يواصلون دعم مدينتهم في المجالات الثقافية والاقتصادية والتعليمية، ويساهمون في ترسيخ الوعي الوطني وبناء الأجيال. ولكنهم في المقابل، حُرموا من مواقع القرار، رغم أهليتهم وكفاءتهم ورصيدهم الطويل من التجربة والخدمة.
إن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة نهوض وتمكين، تُثمر عن تمثيل أكبر في المجالس النيابية والبلدية، وفي المؤسسات الرسمية والشعبية، بما يعيد التوازن، ويمنح المدينة حضورها الطبيعي في المشهد الوطني.
فالمدينة التي أنجبت وصفي التل، شفيق أرشيدات، فضل الدلقموني، أحمد خريس، علي خلقي الشرايري وسائر رجالات العائلات الأصيلة في وسط إربد، لا يجوز أن تُقصى أو تُهمّش. فهؤلاء لم يكونوا مجرّد أسماء، بل كانوا مدارس وطنية خرجت أجيالًا من القيادات التي حملت همّ الوطن ورفعت اسم إربد عاليًا.
لقد آن الأوان أن نقولها بوضوح: إربد المدينة الأصلية تستحق أن تكون في المقدمة، كما كانت دائمًا، لا أن تُكتفى بدور المتفرج.
هي لحظة وعي، ومسؤولية، وتاريخ يجب أن يُكتب من جديد، بأيدي أبنائه الحقيقيين.