عمون - ناقش ملتقى النخبة – elite مساء الثلاثاء، واحدة من أكثر القضايا الاجتماعية إلحاحًا وتأثيرًا على البنية المجتمعية في الأردن، وهي ظاهرة الطلاق وما يترتب عليها من تفكك أسري وضياع للأبناء وتحديات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية. وجاءت الندوة تحت عنوان: *«الطلاق، هذه الآفة الاجتماعية التي فرّقت الآباء وشرّدت الأبناء»*، وسط حضور نوعي من النخب القانونية والدينية والسياسية والأكاديمية والاجتماعية.
الندوة التي شهدت مداخلات متعددة من شخصيات مرموقة، سعت إلى تشريح أسباب تفاقم الظاهرة، من تراجع منظومتي الأخلاق والثقافة، إلى ضعف الوعي المجتمعي، مرورًا بالتحديات الاقتصادية، والتأثيرات السلبية للإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وانتهاءً بجوانب قانونية واجتماعية تحتاج إلى مراجعة دقيقة وتشريعات أكثر اتزانًا.
وطرحت الندوة تساؤلات مفتوحة حول مسؤولية الدولة والمجتمع في حماية الأسرة من التصدع، ودور التشريعات الدينية والمدنية في ضبط هذه الظاهرة، والوقوف على واقع المطلقات والأبناء بعد الانفصال، إضافة إلى استعراض مقترحات عملية للحد من معدلات الطلاق، أبرزها الإصلاح الأسري، والتأهيل قبل الزواج، والدعم الاقتصادي، وتفعيل دور المؤسسات التربوية والدينية والإعلامية.
وتاليًا أبرز الآراء والمداخلات التي تداولتها الحوارية:
*الدكتور نعيم الملكاوي كاتب / باحث سياسي.. كانت مداخلته كما يلي:
أرى أن الطلاق في مجتمعاتنا لم يعد مجرّد حالة فردية، بل تحوّل إلى ظاهرة تهدد تماسك المجتمع حين يغيب الوعي ويضعف الإصلاح. ففي الأردن، سجّلت المحاكم الشرعية عام 2024 نحو 25,943 حالة طلاق، بنسبة وصلت إلى 5.8% من إجمالي عقود الزواج، وبمعدل يقارب 2.2 حالة طلاق لكل 1000 نسمة.
ورغم التراجع الطفيف مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنّ الأرقام تبقى مؤشراً مقلقاً إذا استمر تفكّك الأسر بلا ضوابط حكيمة.
إنّ آثار الطلاق لا تتوقف عند حدود الزوجين، بل تمتد إلى الأبناء الذين يفقدون الأمان والاستقرار، فتظهر بينهم مشكلات نفسية وسلوكية، وقد يضعف انتماؤهم الأسري والاجتماعي. وكلما زادت معدلات الطلاق، ازدادت معها فرص الانحراف وانتشار الفحش والفجور، إذ يفقد الزواج قُدسيته، وتُكسر حرمته، وتُفتح الأبواب أمام النزوات والعلاقات غير الشرعية.
إنّ حماية الأسرة هي حماية للأخلاق وصيانة للقيم. فالأسرة حصن المجتمع الأول، وإذا تصدّع هذا الحصن انفتح الباب أمام التفكك والانحلال. من هنا تأتي مسؤولية الجميع: المشرّع، ورجل الدين، والمؤسسات الاجتماعية، والإعلام، ليعيدوا للزواج هيبته وللأسرة استقرارها.
الوعي، والإصلاح قبل الانفصال، وحل الخلافات بالحكمة، والتربية الواعية؛ كلها وسائل لكبح ظاهرة الطلاق وتقليل آثارها الأخلاقية والاجتماعية. فكلما صُنعت الأسرة قوية، صُنِع المجتمع منيعاً أمام الفساد والفجور .
*اللواء المتقاعد كمال الملكاوي ركز على محور الحلول للتخفيف من ظاهرة الطلاق في الأردن وتبعاتها على حق الأسرة حفاظاً عليها من الضياع والتشتت".. حيث قال:
لا شك بأن الطلاق أصبح ظاهرة اجتماعية مقلقة وألقت بظلالها على على نواحٍ كثيرة شملت الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وتسببت بضياع أسر وأطفال دون رعاية أسرية كفوءة ومعيشة تحفظ للأم والأطفال كرامتهم وإنسانيتهم.
أعتقد بإن معالجة ظاهرة الطلاق في الأردن تتطلب جهودًا متكاملة تشمل التوعية، والإصلاح القانوني، والدعم الاقتصادي، والاجتماعي، تقود إلى حلول شاملة تستهدف جذور المشكلة لضمان حماية الأسرة من التشتت وحفظ حقوق جميع الأطراف خاصة الأطفال، وكما قال الحكماء والكبار في المثل حول الزواج والطلاق: "اللي بساعدك على الطلاق ما بساعدك بدفع السياق ..!"
1- تأهيل وتوعية الشباب. تبدأ هذه التوعية في المرحلة الدراسية بإدراجها ضمن المناهج التربوية وخاصة في المرحلة الثانوية (مرحلة التأهل لدخول السنّ القانوني للزواج)، بتعليم مفردات الزواج وإيلاءها الأهمية الكافية بحيث تتضمن مفهوم الأسرة، المسؤوليات الزوجية، الحد من التأثيرات السلبية للعولمة والثقافات الدخيلة، بالتوعية من مخاطر مواقع التواصل وتوجيه الشباب لفهم تأثيرها السلبي والدراما الأجنبية التي تروج لأحلام غير واقعية وتؤثر على استقرار الزواج، مع تعزيز القيم الأسرية عبر وسائل الإعلام والمنصات الدينية والاجتماعية، حل النزاعات الأسرية وفق الشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد، وثقافة الصبر والتفاهم بين الزوجين.
2- تعزيز دور المجتمع والمؤسسات. بإطلاق مبادرات مجتمعية لما قبل الزواج بتشجيع الجمعيات والمؤسسات الدينية بوضع برامج إلزامية للمقبلين على الزواج، وتنظيم ورش عمل ولقاءات توعوية حول أساسيات الاختيار السليم للشريك بناءً على التاهيل الديني والفكري والاجتماعي كأولويات ثم القدرة المادية والعاطفية وأهمية الأسرة ومخاطر الطلاق، والتعاون ما بين الجهات الرسمية والأهلية بتكثيف الجهود بين الحكومة والمؤسسات التعليمية والدينية لخلق بيئة داعمة للشباب والأسرة، مع تشمل التوعية بالحقوق والواجبات الزوجية.
3- الإصلاح الأسري والتوفيق. تعزيز الإصلاح الأسري والتوفيق بين الزوجين من خلال تفعيل مكاتب الإصلاح الأسري وتعزيز دورها في المحاكم ودوائر الإفتاء لتقديم الوساطة وحل الخلافات قبل اللجوء للطلاق. مع عقد جلسات توفيقية إلزامية قبل إتمام إجراءات الطلاق بمشاركة مختصين في الإرشاد الأسري.
4- الظروف المادية. إيلاء الظروف الاقتصادية الأهمية الكافية في التوعية واستحداث برامج دعم للأسر حديثة الزواج، بتوفير قروض ميسرة للأزواج الشباب لتخفيف الضغوط المادية كأحد الأسباب الرئيسية للطلاق، أو برامج تشغيلية بتوفير فرص عمل للشباب لتمكينهم من تحمل مسؤولة الزواج، خاصة أن البطالة تُعد عاملاً محفزًا للطلاق، وربما إطلاق مشروع "قرش الأسرة" على غرار "فلس الريف" لدعم هذه المراكز والمبادرات كونها ظاهرة تمس كامل المجتمع بصورة مباشرة أو غير مباشرة.
كما أدعو العروسين وبوجود الأهل من الطرفين خلال بحث شروط عقد الزواج أن يتم مناقشة وبحث مسألة المشاركة المادية بين الزوجين لتكاليف ونفقات الأسرة مستقبلاً في حال كان كلاهما موظفين أو لديهم دخل مادي لتجنب أن تصبح خلافاً أسرياً وسبباً للطلاق.
*النائب السابق واستاذ العلوم السياسية الدكتور هايل ودعان الدعجة كانت وجهة نظره كما يلي:
لا اريد الخوض بالاسباب التقليدية المؤدية الى الطلاق ، بقدر ما اريد التركيز على اسباب اخرى ارى انها مرتبطة بالظروف او المرحلة الحياتية التي نمر بها ونعيشها في هذه الايام ، والتي تجعل البعض يستسهل الزواج ويفكر بالارتباط لامور لحظية تجعله لا يشعر بقدسية الرابطة الزوجية وما يترتب عليها من التزامات ومسؤوليات تجعله واعيا لقداستها ومعانيها الانسانية ، بحيث يبدأ يدرك بانه انتقل الى عالم اخر تتجسد فيه المسؤولية باروع صورها المجتمعية ، عندما يدرك انه رب اسرة وان التعامل مع شريكة حياته ليس اسير التفكير اللحظي الذي دفعه للزواج ، بل هو عالم اخر يقتضي منه التحلي باعلى درجات التفكير والهدوء والصبر والمسؤولية .. بعد ان بات لديه اسرة .. ستكبر وتزداد معها المسؤوليات .. فاذا ما اقدم على هذه الخطوة وهو واضعا باعتباره متطلبات الدخول الى هذا العالم الجديد فعلى الاغلب سيتمكن من التعاطي مع الزواج على انه غاية دينية ودنيوية نبيلة وسامية .. ستنعكس ايجابيا عليه وعلى اسرته ومجتمعه بالخير ..
الا ان الذي يحصل في عالم الزواج في هذه الايام ان البعض يقدم عليه دون ان يراعي ذلك ويأخذه باعتباره .. حتى اذا ما ذهب دافعه اللحظي من وراء الزواج .. وجد نفسه امام مسؤوليات لم يعتادها ولم يقوى على تحملها .. وربما لا يربد ان يتحملها لان ذلك يتناقض مع دافعه للزواج اصلا .. عند ذلك تبدأ المشاكل والخلافات مع شريكة العمر .. وتتطور وتتأزم الى ان تنتهي بالطلاق .. كل ذلك لانه اغفل معنى الزواج وقيمته وقدسيته .. والاسس التي يفترض ان يقوم عليها من احترام ومحبة وصبر وتفاهم وحكمة وقدرة على القيام بالواجبات والمسؤوليات المترتبة عليه .. وبما يضمن خلق اجواء اسرية مريحة اساسها السكينة والطمأنينة والمودة .. معتقدا انها تلك الاجواء التي كان يتخيلها .. وكما رسمتها له اللحظة التي قرر عندها الاقدام على هذه الخطوة .. قبل ان يتفاجئ بتبعاتها ومسؤولياتها التي لم يكن مهيئا ومستعدا لها .. ليجد في الطلاق اسهل الحلول .
*نقيب المهندسين الاسبق المهندس عبدالله عبيدات كانت وجهة نظره كما يلي:
الطلاق رخصه وحل لانفصال مبني على مصلحة عدم تفاقم المشاكل الاجتماعية اذا استمرت العلاقة الزوجية التي لا تحقق السعادة والهناء لكلا الزوجين او أحدهما وهو يدل على واقعية وعملية التشريع الإسلامي، ولكن تم تحريف هذا المقصد واستغلال شرعيته الدينية ليكون في بعض الأحيان تعسفا وظلما بحق احد الزوجين بل والاسرة كاملة
ومع ابتعاد المجتمعات عن تطبيق الشريعة الاسلامية التطبيق الصحيح ومع طغيان الحياة المادية المبنية على المصلحة وحب الذات البعيدة عن معايير الرحمة والمودة ومع تغير معايير انتقاء الزوجات والازواج ومع انتشار التواصل الاجتماعي والذي غالبا يقدم صورة غير حقيقية شكلا ومضمونا مع كل هذه العوامل زادت نسب الطلاق في المجتمع وخاصة قبل الدخول ،وهذا يؤشر إلى آفة اجتماعية تضعف الأسرة والمجتمع وتقلل من الترابط المجتمعي المبنى على المصاهرة وتودي بالأطفال إلى مصير مجهول قد ينتج عنه انحراف البعض نحو الرذيلة والمخدرات والاجرام.
وللتخفيف من هذه الظاهره لا بد من اعادة النظر في التربية وتنمية الوازع الديني ونشر ثقافة آداب الزواج وحسن الاختيار ولا بد من بيان خطر التعارف على وسائل التواصل الاجتماعي ولا بد من عدم التدخل السلبي لاهل الزوجين في حياة الأبناء والتوجه نحو التدخل الايجابي لاحتواء اي ازمة قد تؤثر في استقرار الأسرة على مبدأ:" فابعثوا حكما من اهله وحكما من أهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما".
*الدكتور سمير غازي القماز كانت مداخلته كما يلي:
أسعد الله مساؤكم الطيب الذوات الاحبة ... أنا القي اللوم والسبب على أهل الطرفين بتوسيع الشرخ بين الطرفين ... لو عمل أحدهم على رأب الصدع لما ازداد الفتق ... طبعاً من اسباب الطلاق الكذب وعدم الصراحة .. وسبب آخر الطمع بغنى أو مستوى اجتماعي حقيقي أو أحيانا بمستوى مزور ... بعضهم يستأجر سيارة فاخرة ليست برقم سياحي و يوقع بها ضحيته ...
كنت قد تمنيت على صديقي أستاذ علم الاجتماع الاستاذ الدكتور حسين الخزاعي أن يقوم بالاشراف على دراسة ماجستير ودكتوراة تبحث بمدى الشعور بالندم لازواج افترقوا بسبب الطلاق وماذا كان السبب الرئيس بهذا الانفصال .. وكم من الازواج عادوا لبعضهم وكيف كانت علاقتهم ..و لم انسَ دراسة مصير الزوجات اللواتي قمن بخلع ازواجهن ... بعد أن أصبحت موضة وموضع فخر لبعضهن ...
وأخيرا لنبتسم فقط ..كم نسبة الزيجات الناجحة ؟ التي طلبها دولته واعطاها معاليه .؟
*الاستاذة منى الفاعوري كانت وجهة نظرها كما يلي:
قال الله في كتابه الكريم أية عظيمة بين فيها قدسية وأهمية الزواج في حياة العباد الذين جعلهم الله خلفاء الأرض ليعبدوه ويعملوا بكتابه الكريم وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فقال تعالى بعد بسم الله الرحمن الرحيم:" ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة". صدق الله العظيم، فأمرنا الله بالزواج منذ خلق سيدنا آدم وحواء وهذا الميثاق المقدس من الله لاستمرارية الحياة وتكوين الاسرة التي تعتبر نواة وأساس بناء المجتمع ولكن بمقاصد وغايات يترتب عليها السكن والأنس والهدوء الروحي بين الزوجين ويعتبر كل منهما مكانا للاشباع الجنسي إضافة إلى إشباع حب البقاء من خلال الذرية واستمرار النسل بوجود الاطفال زينة الحياة.
ويعتبر هذا الزواج مباركا اذا تم على أساس ديني بحسن الاختيار للزوجة التي تنكح لاربع كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :"تنكح المرأة لاربع لمالها ولنسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"، وهذا هو الزواج الصحيح بصاحبة الخلق والدين ولصاحب الخلق والدين وكما قيل:" اقلهن مهورا اكثرهن بركة"، وهذا المطلوب ليكون زواجا ناجحا ومتينا وخاصة في زمننا هذا نعيش في ضيق حياة وغلاء معيشة وكثرة المتطلبات في الزواج والخطوبة لاتباع التقليد الأعمى للذوات والمجاملات لإرضاء الناس علما بأن ارضاءهم غاية لا تدرك وماذا سيفعل الشاب سوى اللجوء للقروض من البنوك والديون وبعدها من اين سيكون السداد وهذه هي سبب المشكلات التي ستتولد بعد الزواج وان تفاقمت هذه المشكلات بينهم سينتهي الأمر إلى طلب الطلاق الافة المجتمعية والكارثة الاسرية التي ستصبح بحدوثها خطيرة تهدد أمن المجتمع وسعادته وبداية الانحراف والسقوط في الهاوية وسيعم الفساد الأخلاقي والامراض النفسية والضياع الشامل للأبناء ووقوعهم في متاهات وتشتت بين الآباء وفي المحاكم وقضايا الطلاق ما ذنبهم في هذه الحياة، علما بأن ديننا الحنيف وضع العلاج والحلول كما ورد في كتابنا الكريم لظاهرة الطلاق على ثلاث مراحل إذا حصل بثلاث جلسات منفصلات ولا يعني ذلك أن الدين يحث على الطلاق وهو أبغض الحلال عند الله ولكن هو الحل النهائي اذا تفاقم الامر بين الطرفين باستمرارية العلاقة وديموميتها بما يتعلق بعجز الزوج عن أداء متطلبات الحياة الزوجية والحقوق والواجبات المطلوبة من الطرفين أو وجود مرض منفر من كلاهما والأهم من ذلك تمرد الزوجة ومساندتها من قبل حماية الاسرة لتحقيق طمعها المادي في ابتزاز الزوج وخداعه لمصلحتها ومن هنا نأمل من حكومتنا وقوانيها الخاصة في هذه الظاهرة والتي تعتبر قوانين الأحوال الشخصية أن تسعى للحد من هذه الظاهرة وعدم تفاقمها ووضع التدابير الحقوقية والاخلاقية والاجتماعية لعلاج خطر الانحلال والتفكك الأسري وصيانة المؤسسة الاسرية لانها مسؤولية دينية مجتمعية قدسها الله ووضعها أمانة في أعناق مسؤوليها، داعين الله أن يوفقنا جميعا لخير الامة وسلامة الاسرة والحد من مشكلاتها للحد من ظاهرة الطلاق في مجتمعاتنا والله ولي التوفيق.
*العميد المتقاعد الدكتور عديل الشرمان كانت مداخلته كما يلي:
عاملان لا ثالث لهما يشكلان سلوك الإنسان، إذا اختلّ أحدهما اختلّ سلوك الإنسان، وهما الثقافة والأخلاق، وعندما نتحدث عن الأخلاق نتحدث عن الدين، فالأخلاق قواعد سلوكية مستمدة من الدين، واذا اجتمع الضعف في كليهما نصبح أمام منظومة سلوكية سلبية، وأمام افرازات معقدة من الآثار المترتبة عليها، وما تزايد حالات الطلاق إلا أحد مظاهر التراجع الذي أصاب منظومتي الثقافة والأخلاق، لذلك لا يمكن النظر إلى الطلاق كسلوك أو كظاهرة بمعزل عن سلوكيات أخرى سلبية في المجتمع تحتاج إلى مراجعة شاملة ودقيقة لأسبابها، والإسراع في اتخاذ اجراءات عملية مدروسة لعلاجها.
عند تراجع منظومة الأخلاق والثقافة يختل السلوك فتغيب الحكمة والموعظة الحسنة، ويزداد الغضب، ويضعف التفكير بعواقب الأمور، وعندها نكون أمام ثقافة ومفاهيم خاطئة للحوار، فيحدث التصادم والتصارع في القيم.
من يلقي بوالديه في دور المسنين، ومن يعاملهما بسوء، ومن لا يحترم المعلم، ومن يقدم على تخريب الممتلكات العامة، ومن يدمن المخدرات والمؤثرات العقلية، ومن يفقد الانتماء إلى وطنه ومجتمعه، ومن يغش في المأكل والملبس والمشرب، ومن يسيء إلى جيرانه... ومن يهون عليه الحياء من الله والناس ولا يخشى القوانين والعقاب، أعتقد أنه لا يقيم وزنا لعلاقات زوجية أو أسرية ولا يخشى على أسرته من الشتات والضياع.
لذلك لا يمكن الحديث عن أسباب الطلاق بمعزل عن غيرها والتي تشكل منظومة متكاملة من الأسباب التي تهدد كيان الأسرة وتقود إلى تفكك المجتمع.
نحن بتقصيرنا من دفعنا بالشباب إلى الشارع، ونحن من سلمناهم فريسة سهلة لوسائل الاعلام، ونحن بتقصيرنا من دفعنا الأسرة إلى التخلي عن واجباتها ومسؤولياتها، ونحن من القينا بالقيم الحميدة خارج أسوار الحياة، ونحن بتقصيرنا وتهاوننا من دفعنا بالشباب إلى الطلاق، ليس طلاق الزوجة وحسب، بتقصيرنا دفعناهم إلى طلاق قيم الاحترام والحِلم والمحبة والتآخي، ونحن من دفعناهم للحوار بالعصي والسلاح الأبيض والناري، ونحن بتقصيرنا من تركناهم فريسة سهلة لرفقاء السوء والفراغ والمخدرات، تبا لأجهزة وجهات معنية لا تقوم بواجباتها تجاه تربية وتنشئة الجيل من النشء والشباب.
هذا يستدعي من الجهات المعنية القيام بما يلزم لإعادة بناء ما تهدّم من منظومتي الثقافة والأخلاق باعتبارهما أهم عوامل تشكيل السلوك.
*المهندس خالد خليفات اختصر وجهة نظره بالآتي:
أوجد الإسلام الطلاق كحل نهائي بعد التيقن والقناعة التامة بإستحالة التوافق بين الزوج والزوجة وبعد استنفاذ كافة وسائل الإصلاح والتوفيق بين الطرفين.
وإذا كان الطلاق " رخصة " شرعية لها ظروفها ومحدداتها ، فقد وصفت هذه الرخصة بأنها أبغض الحلال عند الله !!! لما لها من آثار إجتماعية مدمره على الأسرة والمجتمع ولما لها من تبعات في تمزيق النسيج المجتمعي ، إلا أن البعض بدأ ينظر إليها كأسهل الحلول في الانفصال !!! وبدأت أسباب الطلاق تتقزم من مستويات إستحالة التوافق والحياة بين الزوجين (لأسباب قاهرة ) إلى مستويات تافهه كالإختلاف على لون غرفة النوم ونوع غرفة السفرة ومكان حفلة العروس ومطالب أم العروس وسطوة أم العريس وووو ... ، وغالبية الأسباب قد لا تتعلق بشكل مباشر بالعروسين، بل بمن حولهما !!!.
بالمحصلة، فإنني أرى أن ضعف الوازع الديني وتدني مستوى الوعي المجتمعي والأوضاع الاقتصادية الضاغطة قد تكون من الأسباب الرئيسية في إرتفاع معدلات الطلاق !!! ناهيك عن تبعات الانفتاح الإجتماعي والتقليد الأعمى لثقافات الأمم الأخرى التي باتت تؤرق الجميع وتنخر في جسد المجتمع.
*السيد محمود ملكاوي كانت مداخلته في هذه النقاط كما يلي:
- يُعتبر الطلاق آفة اجتماعية تؤثر سلبًا على الأفراد والأُسَر والمجتمع ككل ، إذْ أنّه يؤدي إلى تفكُّك الأُسَر وحِرمان الأطفال من رعاية الوالدين ، كما قد يترك آثارًا نفسية واجتماعية سلبية على جميع أفراد الأسرة.
- اللجوء للطلاق أمر عظيم ، لا ينبغي للزوج أن يقدم عليه رأساً ، بل لا بدَّ من التريث والتبصر واستنفاذ كل السُّبل ، والنظر في عاقبة هذا الأمر ، بحيث يكون الطلاق دفع ضرر أعظم ، أما ما نشاهده اليوم التعجل في الطلاق بطريقة تعسفية ، فهذا ينمُّ عن جهل وسوء تقدير ، وانعدام روية ، بل وانحصار بصيرة ، وضعف شخصية ، وعجز عن تحمل المسؤولية لكلا الزوجين.
- من الطبيعي أن يكون هناك عدة أسباب لارتفاع نسبة الطلاق في الأردن منها:
1. انعدام التوافق العلمي والفكري والثقافي بين الزوجين أو فجوة كبيرة ببنهما ف هذا المجال.
2. عدم القدرة المادية والقصور في الايفاء بمتطلبات الزوجة ، في الأصل يجب أن يكون الزواج مبني على أساس التقوى والصلاح وكمال الأخلاق والتحلي بالطباع الحسنة ، ومخافة الله وطلب الستر والصبر على الضنك وضيق العيش، ولكن غالباً لا يراعي الشباب هذه النقاط ، ويندفعون تحت عوامل آنية.
3. عدم التوافق الاجتماعي ومنها فارق السن أيضاً /جاء في قانون الأحوال الشخصية الأردني في المادة (11) أنه يُمنع إجراء العقد على امرأة إذا كان خاطبها يكبرها بأكثر من عشرين سنة ، إلاّ أنْ يتحقق القاضي من رضاها واختيارها.
4. وسائل التواصل الاجتماعي ، وهو التعارف والتواصل عن طريق الوسائل الحديثة ( الإنترنت ، الواتس آب ، فيس بوك ، انستغرام وغيرها ) ، ومن خلال هذه الوسائل الحديثة بدأ الشباب " ذكوراً وإناثاً " يتعارفون فيما بينهم ، كل يُنشئ له صفحة على هذه المواقع ، ويبدأ ينصب شِباكه ليصيد من خلالها ! وكلٌ يُظهِر نفسه بمظهر المثقف الواعي المنفتح ، المطَّلع ، المُتديِّن ، المستقيم العاقل.
5. عدم قيام كل طرف بما عليه من واجبات تجاه شريك حياته سبب خطير في حدوث النزاعات المفضية إلى حدوث الطلاق.
6. دور الحكومات في قدرتها على سن التشريعات والقوانين ، وإلزام الجميع بها ، وفي هذا المجال ينبغي للدولة أن تولي الجانب الإعلامي التوعوي الشيء الكثير.
7. مسؤولية الأسرة وخاصة أهل الزوج والزوجه وانحياز كل منهما لابنه أو ابنته ، وعدم السعي الجاد في تجاوز الخلافات بين الزوجين لضمان استمرار الحياة الزوجية الطبيعية.
*الاستاذة هدى العموش كانت وجهة نظرها كما يلي:
يعتبر الطلاق آفة اجتماعية كبيرة وله تأثير سلبي على الأفراد والأسر والمجتمع فهو يؤدي إلى تفكك الأسر والتأثير على الأطفال نفسيًا واجتماعيًا، كما ويؤدي الطلاق إلى الكثير من المشاكل الاجتماعية مثل العنف والجريمة والى غير ذلك.
هناك عدة اسباب اوصلت المجتمعات الى منحدر الطلاق، باعتقادي اهم سبب من اسباب الطلاق دخول الاعلام والافكار النسوية ورغبة المرأة في الاستقلالية والحرية والذي قد يتعارض مع بعض المفاهيم التقليدية للزواج.
وعمل المرأة اعطى المرأة جرأة في طلب الطلاق واعتمادها على نفسها افقدها احتياجها لشريك حياة وحب مشاعر الامومة وبيت مستقر ، قد تكون المرأة مظلومة في الحياة الزوجية ولكن عدم وجود عمل لها وعدم وجود من تستند عليه من الاهل والاقارب يضطرها إلى تحمل العنف الأسري الذي تتعرض له فلا تطلب الطلاق .
وايضا المشاكل الإقتصادية فقلة المال من اهم المسببات للطلاق فأساس الاسرة الثابت وجود مال كافي لتوفير لقمة العيش والحياة الكريمة وضيق ذات اليد هو سبب كبير لكثير من المشاكل المجتمعية قد لا يكون الوحيد ولكن مع وجود اسباب اخرى مرافقة فاستعاذة الرسول (صلى الله عليه وسلم) من الفقر اكبر دليل على ذلك (ولو كان الفقر رجلا لقتلته).
عدم التوافق في القيم والأهداف والرؤى المستقبلية وعدم التكافؤ بين الزوجين مما يؤدي إلى صعوبة الاستمرار في الحياة الزوجية والاختلاف في شخصيات الازواج والثقافات والبيئات تؤدي الى عدم التفاهم فالافكار والعادات والتقاليد المختلفة وتمسك كل شخص بها يؤدي الي خلافات ومشاكل كبيرة.
وتدخّل العائلة الاخوة والاخوات والاعمام والاخوال بالأزواج تبدأ بتدخلات بسيطة ثم تنتهي بإصلاح ذات البين وتنتهي بتفاقم الامور بين الزوجين ثم الطلاق.
ومن الاسباب العنف وسوء المعاملة من الازواج لبعضهم البعض وقد يكون بسبب عدم القدرة على تحمل المسؤولية الناتج عن الزواج المبكر او إدمان المخدرات او الكحول لاحد الاطراف.
*المحامي أمجد خريسات شرح وجهة نظره كما يلي:
ان امر الطلاق مقلق جدا حيث انه في الاونة الاخيرة كثر بشكل كبير جدا في مجتمعنا الاردني وان حالات الطلاق بهذا الوقت اصبحت من قبل كافة الفئات العمرية ففي السابق كانت تنحصر ما بين الشباب اما الان فاصبحت تعصف بكل الفئات العمرية وهذا يؤدي بالنتيجة الى مشاكل اجتماعية عديدة بين الاسر التي تعرضت للطلاق ففي حالات الطلاق تثور وتتكون المشاكل التي تعصف بالاسرة بكافة افرادها فهي تصبح وصمة على هذه الاسرة فيبتعد الناس عن التقرب لهذه الاسرة بالنسب والتصاهر لوجود حاله الطلاق مما يزيد نسبة العنوسة في المجتمع .
أما ما هي الاسباب التي اوصلت المجتمع الى منحدر الطلاق وكثرته فهي اسباب عدة اولها برأيي الشخصي الاوضاع الاقتصادية التي يمر بها الزوج والتي يعجز في بعض الاحيان عن تلبية رغبات الاسرة او يقصر بها وعدم تحمل الزوجة هذا الوضع فيؤدي ذلك الى مشاكل والتي بالنتيجة تؤدي الى الطلاق، بالاضافة الى ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي من امور لا يجوز نشرها على العلن فهنالك بهض الناس يصوروا وينشروا كل شيء بحياتهم وهذا يؤدي الى اطلاع الناس الاخرين على هذه الامور والتي تولد الحسد والمطالبة من رب الاسرة بالعمل بمساواتهم بهؤلاء الناس ولعدم قدرة الزوج على ذلك يتسبب ايضا بالمشاكل والطلاق بالنتيجة ان هذه الظاهرة اصبحت مقلقة ولكثرتها تؤدي بالنتيجة الى تفكك الاسر وضياع الابناء والبنات وتوجههم لاشباع حاجاتهم الى ارتكاب الجرائم من سرقة واحتيال وغيرها وكذلك تؤدي بالشباب الى سلوك طريق يجعلهم ينسون ما هم فيه من مشاكل فيتجهوا الى طريق المخدرات والخمور والى الفساد الاخلاقي لجلب المال بأي طريقة لغايات اشباع هذه الحاجات لابد من العودة الى ديننا الحنيف بادارة الامور وكذلك العادات والتقاليد التي ترب عليها جليلنا وليس ما يعيشه هذا الجيل من عدم وجود دين ولا اخلاق ولا تربية الا من رحم ربي .
*السيد جميل خالد القماز كانت مداخلته تحت عنوان "الزواج بين الديمومة والتحديات المعاصرة" وقال ، إن الأصل في الزواج هو الاستمرارية، وإن بني على أسس صحيحة زادت فرص نجاحه وقل احتمال فشله. لكن الكمال ليس من صفات البشر، والعلاقات الزوجية ليست استثناء.
نشهد اليوم ظواهر مقلقة مثل ارتفاع معدلات الطلاق والعزوف عن الزواج او تأخره ،، وهي مؤشرات تستحق التوقف والتأمل. فهل بحثنا في الأسباب الحقيقية؟
-الأسرة وتغير الأدوار
في السابق، كانت الزوجة عماد الأسرة، تدير شؤون البيت وتربي الأبناء بحكمة وحنان، بينما يتحمل الزوج مسؤوليات العمل خارج المنزل. أما اليوم، فقد دفعت الأعباء الاقتصادية الزوجة للعمل، فغابت رقابة الأمومة الحانية، وتوزع الأبناء بين الحضانة والأقارب وتأثروا بأفكار متناقضة. ومع الضغوط المتزايدة، تتراجع القدرة على التحمل والتفاهم، ويصبح الطلاق احتمالا قائما عند أول خلاف.
-البيئة والظروف المعيشية
متطلبات الزواج تغيرت، وأصبح من الصعب بدء الحياة الزوجية دون تكاليف باهظة وسكن مستقل. أغلب الشباب يدخلون الزواج مثقلين بالديون والتزامات تفوق قدرتهم، ما يؤدي غالبا إلى الانفجار والانهيار.
-التقليد والتكاليف المبالغ فيها
انتشر تقليد مجتمعات غريبة عنا، وارتفعت تكاليف الزواج بشكل غير مبرر. لم يعد البعض يرضى بالقليل، بل يريد الظهور بمظهر اجتماعي مبالغ فيه، وكأن الزواج صفقة لا رابطة مقدسة. ومع مرور لحظات الفرح الأولى، تبدأ رحلة المعاناة.
ويزيد الطين بلة تدخل الأهل بشكل سلبي، والدفاع الأعمى عن الأبناء حتى لو كانوا مخطئين، ناهيك عن دور أصدقاء السوء في هدم البيوت.
استمرار الزواج لا يتحقق فقط بالحب، بل بالحكمة والتفاهم والصبر، وبناء علاقة على أسس صحيحة،والاستعداد الحقيقي لمثل هذا المشروع المهم، بعيدا عن المظاهر والضغوط الزائفة،، فعندما نقرأ نسب الطلاق كل عام ومع تزايدها ونسبتها من عقود الزواج لنفس العام ،نعلم انها ظاهرة تستحق العلاج..
*المستشار فيصل تايه كاتب وناشط اجتماعي وسياسي كانت وجهة نظره كما يلي:
ما يحصل في أروقة المحاكم هو فجور في الخصومة، عندما يتم الطلاق ببن الزوجين ، فيتم اقحام الأبناء في طلاق الآباء ، والمسؤولية المجتمعية تحتم بأن يتم حمايتهم من الآثار المدمرة للطلاق ، فالقانون في الاردن ينظم العلاقة بين المطلقين والأبناء بأن يجعل أحد الأبوين حاضنا، والآخر له حق في الرؤية. والرؤية تلك لها فلسفتها، فهي ليست للهو واللعب، وإنما للمتابعة الصحية والنفسية والتعليمية للمحضون للاطمئنان على سلامته من أقرب الناس إليه: والده، أو والدته.
لكن مازال هناك حاضنون وحاضنات متعنتون ومتسلطون يرفضون منح الطرف الآخر حقه في الرؤية، أو حتى الاطمئنان على أطفاله. لذلك على المجتمع إعادة النظر في موضوع الحضانة والرؤية. إن على الحاضن مسؤولية وعبء الاعتناء بالطفل جسديا ونفسيا، وللطرف الآخر حقوق تمتعه بالأمومة أو بالأبوة كما كان الأمر قبل الطلاق.
إن الاخلال بواجبات الحضانة يحتم وقفة حازمة، وأحد أهم واجبات الحاضن هو النأي بالمحضون عن مشاكل الطلاق وتربيته على حب أبويه، بدلا من أن يكون عاملا من عوامل هدم المجتمع .
لكن فان الطلاق بحد ذاته يقلق الأبناء، يجعلهم في عتمة نفسية، حيث يتأثر كثير من الأطفال بالسلب على معنوياتهم ونفسياتهم، حتى وإن كان في الطلاق في بعض الأحيان حياة كامنة أخرى لكلا الطرفين - الأب والأم - إلا أن ذلك لا يعيه الأبناء، فالأسرة بالنسبة لهم هو الأب والأم وسقف واحد يجمعهم كأسرة شرقية طبيعية، حيث يعد ذلك حقاً من حقوقهم الأسرية، فمثلما للأبناء واجبات، فلهم أيضاً حقوق على الآباء والأمهات، وأبسط هذه الحقوق هو وجود الأبوين في حياتهم بكل تفاصيل اليوم الواحد، الشعور بالسند والاحتواء والاهتمام والرعاية هو صمام الأمان بالنسبة لهم هو الشعور بأنهم أقوياء رغم تعثر الحياة.
ما يحصل هو ان الأب يعبر عن غضبه من الأم عن طريق الأبناء، لإنه يريد أن يعيش حياته بعيداً عن الأبناء، «لأنه أناني»، لأن زوجته الثانية تقسي قلبه عليهم، وحتى لا يطلب أبناؤه أموالاً زائدة عن مال النفقة ، ومنهم من قال "أحسن لهم"، فهو لو انه رجل كفؤ وعنده مروءة لكان خاف الله فيهم لكنه في هذه الحالة هو معدوم الضمير والذمة والإنسانية، وهناك أيضاً أمهات تطلقن أبناءهن أسوة بالرجال ، ومن يقوم بهذا الفعل لا يستحق أن يكون أباً وكذلك الام.
*العقيد المتقاعد موسى محمد مشاعرة اختصر وجهة نظره بالآتي:
الطلاق.. امر عظيم ترتعد منه الفرائص لعظم ما ينتج عنه من هدم للنسبج المجتمعي.. لذلك ذكر في القران في اكثر من سورة وهناك سورة خاصة به هي سورة الطلاق..شرع الله الزواج تكريما للنفس البشرية فهو عقد وميثاق عظيم اساسه بناء اسرة راقبة متحابة لتكون ركنا منيعا من اركان المجتمع..الزواج ليس استعباد وليس مجالا للمساومة..فهو رباط مقدس.. وكان الطلاق هو اخر العلاج ويجب ان يسبقه كل محاولات اصلاح ذات البين ثم "فإمساك بمعروف او تسريح بإحسان" اذا وقع الطلاق فهذا يعني شرخ وجرح في جسد الأسرة لا يندمل بسهولة..وتكون تبعاته على الاسرة باكملها وقد تمتد الى الانسباء وتحدث القطيعة.
*الشيخ عبدالله المناجعه شيخ عشائر المناجعه الحويطات كانت مداخلته كما يلي:
كيف نتفادى الطلاق؟، الاختيار هو أهم عنصر في ديمومة الزواج وتفادي الطلاق بحيث يكون الاختيار عن قناعه ، بمعنى أن شريكي هو الأفضل في أن نتشارك مسيرة الحياه وليس شرطا أن تكون حبا لان المودة والرحمة لا تعني الحب وهذا ما يقع فيه الكثيرين من خطأ من يعيش وهم الحب للحياة الزوجية هو يتعب نفسه ويكون ناقدا مع الايام لان الحياة لا تستمر على وتيرة واحدة، فالحب مع الايام يضمحل ويتضاءل لكن المودة والرحمة مع الايام تقوى وتكون روابطها أقوى لكن قد يصل الزوجين الى مرحلة يكون فيها التعايش غير ممكن وكان الحل هو الطلاق لكن كيف نتفاداه في حياتنا الزوجية .
أن العلاقة الزوجية الطبيعية ترتكز على التفاهم من البداية بحيث كل منهما يعرف ما يزعج الآخر من تصرفات اوقل منغصات وتعتبر خطوط حمراء لا أحد يتعداها مهما كان الخلاف محتدما، ثانيا يؤمن كل منهما أن الحياة من يسر وعسر والعيش على قدر الدخل مهما كان قليلا أن لا تكون الالتزامات على حساب مؤونة العائلة واحتياجاتهم اليومية، ثالثا خلافاتهم أن لا تخرج من باب غرفتهما، رابعا اهلك او أهلها يحترمون وان لايكون تدخلهم محرك احدهم ضد الآخر كما أن الزوجة يمكن تكون من العاملات فلا تكن المادة موضع خلاف بينكما، لكن في النهاية نقول ان تعسرت الحلول ووقفت على الطلاق فالآية الكريمة يجب أن تكون هي الهادي الى إحدى الطريقين (امساك بمعروف او تسريح بإحسان) صدق الله العظيم.
*السيد علي القطاونه شرح وجهة نظره كما يلي:
قال تعالى." ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم أزواج لتسكنوا اليها و جعلنا بينكم مودة و رحمة" .
كان الزواج سابقا في مجتمعاتنا يقع من خلال العلاقات العائلية و المعارف خصوصا في في المحافظات وحتى جزء كبير من المدن الكبيرة و ذلك للعلاقات الاجتماعية القوية التي كانت قائمة.
سأقفز عن ذلك إلى السنوات الاخيرة حيث أصبحت نسبة النساء العاملات مرتفعة و الاختلاط في العمل جعل هناك تواصل مباشر بين الرجل و المرأة و التعارف و هناك حالات زواج كثيرة نتجت عن ذلك، الان وفي السنوات العشر الاخيرة هناك ظاهرة جديدة وهي التعارف على وسائل ما يسمى بالتواصل الاجتماعي و كان لهذا دور سلبي كبير في حالات زواج نتج عنها الطلاق لان التعارف غير مبني على مصداقية وما لهذه الوسائل من دور اغرائي ..
اما الأسباب الجوهرية للطلاق فهي عدم التفاهم الشخصي خصوصا بعد وجود أولاد و صعوبة الظروف الاقتصادية و البطالة و ارتفاع الأسعار و عدم وجود سكن مملوك لارتفاع الاسعار خصوصا في المدن كذلك ما حصل من عزوف للرجال عن الزواج حتى بلوغ اعمار تزيد بعضها عن ٢٠ عاما بين الزوجين أدى إلى وجود هوة في العلاقة بين الطرفين اضافة ان كان هناك فارق تعليمي او/ و اجتماعي.
هذه بعض من الأسباب المؤدية للطلاق و الذي لو تأنى الطرفان بعض الشي لما وصلوا الى تفكيك اسرة و يتم تفادي الكثير من المشاكل الاجتماعية و التي اول من يدفع ثمنها الابناء و الذين بدون اخذ رايهم حرموا من دفئ بيت عائلة و حنان اب او ام ثم اثره على الزوجة خصوصا غير العاملة عندما تجد نفسها بدون منزل او / و دخل ناهيكم عن الأثر النفسي و العاطفي المترتب عن الابتعاد عن الأبناء خصوصا الصغار منهم و ان لم تعاني ذلك فسيعانيه الزوج و الذي فقد الحياة الاسرية و البيت بتشكيلته الطبيعية ام و اب و أبناء، كذلك تلك الأعباء الجديدة التي وقع بها من تربية و ادارة منزل و متابعة المستجدات اليومية للأبناء، كل هذا كانت تقوم به الزوجة .
في النهاية لن يكون هناك رابح في هذه المعادلة فالجميع خاسر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن أبغض الحلال إلى الله الطلاق).
*الدكتور مصطفى التل اختتم الحوار بهذا التفصيل.. وتحت عنوان "الانهيار الأسري في الأردن: كيف سوّقت الحكومات الفقر فدفعت بالأسر نحو الطلاق؟!".
في خضمّ حديث الحكومة الأردنية الدائم عن "الإصلاحات الاقتصادية"، غابت تماماً عن حساباتها أن كل خفض للدعم وكل تقشف مالي هو في الواقع قنبلة موقوتة تنفجر في أحضان الأسر الأردنية.
الأرقام الصادمة لمحاكم الشرعية تكشف أن 64% من حالات الطلاق في العقد الأخير كانت لأسباب اقتصادية مباشرة.
*ثلاثية الموت الأسري: سكن.. علاج.. عمل:
-أولاً : جرائم الإسكان ضد الزواج:
وفق إحصاءات أمانة عمان، فإن 82% من الشباب الأردني تحت سن 35 غير قادرين على شراء شقة سكنية , و متوسط فترة الانتظار للحصول على مسكن شعبي تجاوز 7 سنوات هذا ان حالفه الحظ العاثر بقرض بنكي له قصة طويلة في تشريد الأسر القائمة بين طلاق وسجون ومصادرة أموال وصولاً بها الى الفقر المدقع .
-ثانيا : العلاج.. حين يصبح المرض جريمة زوجية:
• أغلب الأردنيين غير مشمولين بتأمين صحي.
• كلفة علاج السرطان قد تصل لـ 50 ألف دينار.. بينما متوسط الدخل السنوي 8 آلاف فقط لمن حالفه الحظ بإيجاد فرصة عمل .
• 17% من حالات الطلاق المسجلة تبدأ بمرض مزمن لأحد الزوجين.
-ثالثا : عندما يتحول العاجز عن الإعالة إلى "رجل غير مرغوب به":
• بطالة الذكور 25% مقابل 14% للإناث
• ظاهرة الزوج "الجالس " (الغير قادر على الإعالة) أصبحت تهدد الاسر التي يعيلها الرجل .
• 41% من النساء المطلقات في استطلاع حديث نسبن الطلاق لـ "عدم تحمل الزوج للمسؤولية" لانه جالس في البيت ( لا عمل ولا شيء , عاجز ماليا )
حكومة المستشفى والحضانة: كيف حوّلنا مؤسسات الدولة إلى مقابر زوجية؟!
• أقسام الطوارئ في المستشفيات الحكومية تتحول إلى أماكن للخلافات الزوجية على فاتورة العلاج
• المحاكم الشرعية أصبحت "خط إنتاج" لشهادات الطلاق بدلاً من أن تكون أماكن للإصلاح
قبل أن تتباهى الحكومة بتخفيض عجز الموازنة، عليها أن تعلم أنها تفعل ذلك على حساب تماسك الأسر.
قبل أن تفتخر ببرامج الخصخصة، عليها أن تعرف أنها تبيع حبال المشنقة للأسر الفقيرة.
المعادلة بسيطة: لا تنتظروا استقراراً أسرياً في بلد يُجبر مواطنيه على الاختيار بين العلاج والطعام، بين السكن والزواج، بين الكرامة والطلاق.