تذكرني وعود الرئيس الامريكي دونالد ترمب،بقرب التوصل الى اتفاق هدنة وصفقة تبادل ووقف دائم للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، بعبارة قرأتها ذات يوم على لوحة مثبتة في قاعة مطعم في اسطنبول ،كتب عليها ثلاث كلمات بثلاث لغات،التركية والانجليزية والعربية، الغداء غدا مجانا، فعندما يقرأها الزبون يقول في نفسه ،سوف اعود غدا لتناول الغداء مجانا ،فيعود غدا ليجد ان غدا لم يأت بعد،وعليه تكرار الزيارات ربما الى ما بعد قيام الساعة .
وهكذا الرئيس الامريكي،يطرب العالم بتصريحات مريحة، حول قرب التوصل الى نهاية لهذه المذبحة والمقتلة والابادة الجماعية، التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ واحد وعشرين شهرا،بان الاسبوع القادم ،كما يقول دائما ،سيتم التوصل الى اتفاق حول الهدنة وصفقة التبادل ،لكن الاسبوع القادم حاله كحال "غداء" مطعم اسطنبول، لا احد يعلم متى يأتي ،فلم يحدد ترمب، في اي شهر او سنة او اي قرن، سيبزغ ذلك الاسبوع المنتظر.
وبحسب تصريحات الطرب الصادرة عن البيت الابيض ،فان هذا الاسبوع سوف يكون حاسما ،خاصة بعد ان قدمت اسرائيل خرائط جديدة، لانسحاب جيشها المحتل داخل قطاع غزة،نالت موافقة المقاومة وارتياح الوسطاء،وهي النقطة الرئيسية الرابعة والاخيرة التي تم التوافق عليها ،وبقيت التفاصيل المتعلقة بتنفيذ الاتفاق ،كما اعلن اكثر من مصدر مشارك بالمفاوضات او قريب منها ومطلع عليها .
منذ ان تراجع نتنياهو عن الاتفاق السابق ،واستأنف الحرب على غزة قبل نحو اربعة اشهر،وبتفويض كامل من ترمب ،الذي زوده باحدث القنابل والذخائر والاسلحة الامريكية لتدمير ما تبقى من قطاع غزة واستكمال ابادة الشعب الفلسطيني هناك، ونحن نسمع عن ذلك الاسبوع الموعود، دون اية نتائج حقيقية على الارض.
ربما يكون الاسبوع فترة قصيرة بنظر ترمب،لكنه بالنسبة للغزيين مسألة موت او حياة،لانهم منذ اسابيع واشهر ،يعانون الحصار المطبق والشامل ،ويموتون تجويعا ،ويعدمون على ابواب ومشارف المؤسسة الامريكية التي تسمى زورا اغاثية ،وهي في الواقع والحقيقة مؤسسة اعدام بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
اكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة ،يتم تجويعهم حتى الموت،بمشاركة امريكية مباشرة وتواطؤ اوروبي مكشوف وواضح،وصمت وخذلان ابناء الجلدة والدين .
الى اين يمكن ان تتجه عيون الغزيين المجوعين اليوم،الى الشقيق الذي تنصل من عروبته وقوميته،ام الى الاخ الذي غير قبلته،ام الى العالم الآخر الذي فقد انسانيته وتخلى عن ضميره ،وداس كل المبادي والقوانين والاعراف والقيم ،التي شكلت يوما، روافع ديمقراطيته وعدالته وانسانيته التي فقدها كلها ،على مذبح غزة.
قد يكون هذا الاسبوع الاخير ،الذي يحمل.. اما نهاية لهذه الابادة الاقسى والابشع والاعظم في هذا القرن،او يحمل نعش الامل بنهايتها سياسيا وتفاوضيا،مع الدعاء المستمر بان لا يشبه اسبوع ترمب ،الغداء المجاني المعلق بانتظار الغد الذي لا يأتي!!