الموظف الرديء سمٌّ في جسد الإدارة
د. حمزة الشيخ حسين
21-07-2025 02:33 AM
تنهض المؤسسات بموظفيها، وتنهار حين يتسلق فيها من لا يملك أدنى مقومات الكفاءة أو الأخلاق. فليس أسوأ من موظفٍ رديء يُسيء إلى زملائه، ويسيء قبلهم إلى سمعة المؤسسة التي ينتمي إليها. الموظف الرديء لا يكتفي بتقصيرٍ في أداء الواجب، بل يزرع بيئةً مسمومة من الشللية والتسلط، تُفرغ العمل المؤسسي من معناه.
الاختصاص هو الأساس، ولا يصح أن يتقدم في المواقع من لا يملك من التأهيل إلا دعمًا خارجيًّا أو غطاءً من جهةٍ نافذة. بعضهم—ممن يعاني في داخله من عقدة نقصٍ متأصلة، إما بسبب مظهرٍ منفر، أو عجزٍ عن مجاراة زملائه الأكفأ—يلجأ إلى القمع والتسلط، ويعلو بصوته حين تخفت حجته. فإذا كان هذا النموذج مدعومًا من الأعلى، فإن الضرر يتضاعف، وتتحول المؤسسة من منبر خدمة إلى مرتع إهانة.
هؤلاء يجهلون أن الصحافة—وهي السلطة الرابعة في الدولة—تعلو أحيانًا على باقي السلطات لأنها تملك قدرة الكشف، وتتحمل مسؤولية التصحيح، وتسلّط الضوء على مواطن الخلل. من يُقصي الإعلام، يُقصي المحاسبة، ومن يُقصي المحاسبة، يفتح الباب واسعًا أمام الفساد.
لا يمكن لمجتمع أن يحتمل فاسدًا أو صاحب سلوك منحرف إنسانيًا في موقع نفوذ، ولا يجوز أن يستمر من يبني حوله حلقات مغلقة من الشللية لتنفيذ أجندة ذات طابع شخصي أو نفسي يُسيء بها للوطن والمواطن معًا. فالموقع العام لا يحتمل العبث، ولا يحتمل من يجعله أداة لإثبات ذاته المريضة أو عقده المدفونة.
اللغة هي مرآة الفكر، وإن أكثر ما يفضح فساد المسؤول أو ضحالته هو لسانه، فإذا اختار الألفاظ السوقية، أو تعمد إهانة زميله الأدنى منه، أو استعرض عضلاته على المواطن بلغة فوقية، فهو في الحقيقة يُدين نفسه ويهدم احترام مؤسسته من الداخل. المؤسسات تُبنى بلغة احترام متبادلة، لا بتسلط لفظي، والهيبة الحقيقية تُصنع بالعدالة والكفاءة، لا بالصوت العالي.
لقد آن الأوان لإعلاء شأن الكفاءة والخلق، ولتطهير مؤسساتنا من كل فاسدٍ مدعوم، وكل متسلط يجهل أنه مؤتمن على خدمة الناس لا على احتقارهم. الوطن لا يحتمل مزيدًا من العُقد، ولا من العقداء المتعجرفين الذين يظنون أن الألقاب تحميهم من النقد، أو أن الكرسي يرفع من لا قيمة له في وعي الناس..