facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصرخة الصامتة: "حين تشتكي الروح"


د. يحيا خريسات
22-07-2025 11:51 AM

هل تساءلنا يومًا عمّا يغذّي أرواحنا كما يغذّي الطعام أجسادنا؟ وهل نُدرك أن الجسد إذا جاع صرخ، أما الروح إذا جاعت صمتت، لكنها تذبل وتنكمش في صمتٍ قاتل؟

في خضم الحياة اليومية، نهرع إلى ما يشبع بطوننا، نُحصي السعرات، وننتقي الأصناف، ونُراعي التوازن، لكنّ أرواحنا، تلك الجوهرة الخفية التي تُحرّك الوجود داخلنا، كثيرًا ما نُهملها، نُرهقها دون أن نشعر، ونتركها تصرخ في داخلنا بلا صوت.

من منظور فلسفي، غذاء الروح لا يُقاس بالمادة ولا يُباع في الأسواق. إنه مجموعة من القيم والمعاني والتجارب التي تُضفي على الحياة بُعدًا أسمى من البقاء البيولوجي. التأمل، الصلاة، القراءة، الفن، العطاء، الموسيقى، الحب، والمغفرة؛ كلّها وجبات تُنعش الروح وتبعث فيها الحياة.
الفلاسفة منذ القدم أدركوا أنّ الإنسان كيان مركب. أفلاطون تحدّث عن النفس العاقلة والنزوعية والشهوية، وأرسطو رأى أن الفضيلة تكمن في التوازن. وفي الفكر الإسلامي، تتكرس الروح بوصفها نفحة من أمر الله، ترتقي بالذكر وتَسْمُو بالخشوع.

وفي زمننا المادي، حيث تُقاس القيم بعدد المتابعين والأسهم والصفقات، تغدو الروح ضحية الإهمال. نُلهى بالبريق، فننسى البُعد الوجودي. وهنا تنشأ الأسئلة الكبرى: لماذا لا نشعر بالسعادة رغم كل شيء؟ لماذا نخاف السكون؟ لماذا نشعر بالفراغ وسط الزحام؟ لأنّ الأرواح جائعة، تبحث عن ما يُعيد لها صفاءها واتزانها.

يحاول البعض ملء هذا الفراغ بالشهرة أو الاستهلاك أو الإنجازات، لكنها تُشبه شرب الماء المالح؛ كلّما ازددت شربًا ازددت عطشًا. وحده المعنى هو ما يُشبع الروح، وحدها اللحظة التي تشعر فيها بالسلام الداخلي تُعطيك طاقة لا توصف.

وفي الختام، غذاء الروح ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية. إنه ما يجعل الحياة تستحق أن تُعاش. فلنمنح أرواحنا وقتًا كما نمنح أجسادنا طعامًا، ولنُصغِ إلى ذواتنا، ولنبحث عن الصدق، الجَمال، والمعنى، لأنّ من فقد روحه، خسر ذاته، حتى لو ربح العالم كله.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :