هل السويداء تجربة للتقسيم؟
د.محمد البدور
23-07-2025 03:32 PM
نسأل الله أن يحمي سوريا، وشعبها، ووحدتها الوطنية.
الحقيقة المؤلمة أن سوريا اليوم تعيش حالة تقسيم سياسي غير معلن، ترسمه أجندات ومصالح خارجية، تتسابق على اقتسام الجغرافيا السورية، وتتنافس على مدّ نفوذها عبر أدوات محلية من الجماعات المسلحة ذات الولاءات المتعددة.
هذه الجماعات، رغم اختلاف أسمائها وشعاراتها، تبقى سورية المنشأ والدم والانتماء، لكنها باتت مخترقة وتقاد من الخارج، وتتحرك وفق أوامر تأتيها من قوى أجنبية: بين النفوذ الأمريكي، والمشروع الإسرائيلي، والطموح التركي، والمصالح الروسية، وأطماع قوى أخرى.
أما الحكومة السورية، فقد أصبحت في وضع العاجز الحائر، لا تعرف أي اتجاه تسلك، وتواجه ضغوطًا متزايدة من كل الأطراف، ولم تُمنح فرصة حقيقية لالتقاط أنفاسها، ولا لتنفيذ وعودها التي قطعتها أمام شعبها.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، ما يحدث في السويداء اليوم يبدو كمشروع تجريبي للتقسيم، يتم من خلال إثارة النعرات الطائفية، وتأجيج الصراعات الداخلية، وتحويل المدينة إلى نموذج فوضوي يبرّر لاحقًا تقسيمًا أكبر.
للأسف، الانفجار الداخلي في السويداء يُمهّد الأرض لتقسيم سوريا بأيدي السوريين أنفسهم، وسط جماهير مندفعة، تتحرك بعاطفة وغضب دون إدراك لحجم المؤامرة. والنتيجة ستكون حربًا أهلية تدمر ما تبقى من جسد الوطن، حتى يُرتب الخارج حصصه على طاولة الخرائط، ويُعلن ما كان يُعدّ له في السر.
إن نار الفتنة في سوريا لن تُخمد طالما بقي فتيلها بأيدي أبنائها، وشعلتها بيد الطامعين بوطنهم.
يا أبناء سوريا:
توقّفوا عن الصراع فيما بينكم. التقطوا أنفاسكم الوطنية. التفّوا حول وحدتكم، وتراحموا بينكم، وادركوا أنكم لستم أعداء، بل إخوة في المصير والمحنة.
لا تكونوا كمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا.
هناك من يتربص بكم، ويريد تمزيق وطنكم بأيديكم.
عودوا إلى رشدكم، قبل أن يفوت الأوان ولن ينفع الندم