براك .. هل (يورط) حزب الله؟
د. ذيب القراله
26-07-2025 12:10 PM
يبدو ان ( الازمة ) في لبنان تأخذ تدريجيا خطوات يومية باتجاه ( الانزلاق ) الى منحنيات خطيرة ، في ضوء اختلاف ( الاجندات ) و ( النوايا ) و ( المصالح ) لدى مختلف الاطراف المنخرطة فيها، في ضوء الضغوط الدولية والاقليمية على بيروت ، وربط الدعم و المساعدات التي ستُقدم لها ، بنزع سلاح حزب الله ، الذي يرفض هذا الامر بوضوح لاعتقاده ان قوته ودوره المستقبلي يعتمد فقط على سلاحه ، وليس على اي وعود او تطمينات من اي طرف كان .
التصريحات ( الضبابية ) التي اطلقها السفير الأمريكي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك ، خلال زياراته الثلاث الى لبنان ( المُعلنة و المفاجئة ) تؤشر الى ان هناك ( مُصيبة ) تُطهى على نار هادئة ، لكي يتم انضاجها في الوقت المناسب ، لكل من اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية.
براك الذي قال ان وجود لبنان كله على المحك ، وانه قد يعود الى الارتباط بالشام ، عاد واكد ان نزع سلاح حزب الله هو مسألة داخلية للغاية ، و أن عدم تسليم هذا السلاح سيكون مخيبا للآمال لكن ( لن تكون هناك عواقب ) من جانب بلاده على لبنان.
وخلال الفترة الماضية نقل برًاك الى لبنان ورقتين تطالبان بنزع كامل لسلاح حزب الله وخاصة الثقيل ( الصواريخ والمسيرات ) الذي يؤذي اسرائيل ، وان هذا الأمر حاسم ويجب ان يكون ضمن جدول زمني يبلغ منتهاه قبل نهاية العام الجاري.
وفي تصريحات اخرى ، لفت برًاك الى ان امريكا لن تجبر اسرائيل على فعل اي شيء، لكنه اكد انه لن يكون هناك ( حربا اسرائيلية ) على لبنان ، والسؤال هو ما هي الخطة التي يعمل عليها هذا الرجل؟ في ضوء تباين رسائله ( حمالة الأوجه ) خاصة انه يعلم تفاصيل ( الموقف الصعب ) الذي تعيشه الحكومة اللبنانية ، التي تخشى ان يؤدي نزع سلاح الحزب بالقوة من خلال الجيش ( ان استطاع ) الى حرب اهلية، قد تستدعي تدخلا دوليا ، خاصة اذا ما اصبحت تداعياتها عابرة للحدود، فهل هذا هو المطلوب والمُراد ؟
تلك المواقف المتناقضة ، وجدت صداها في اعلان حزب الله المتكرر ، انه لن يسلم سلاحه، فهل نجح برًاك في ( توريط ) حزب الله ، واوهمه انه لن يكون هناك عواقب ( امريكية - اسرائيلية ) ضد الحزب في حال عدم تسليم السلاح، وهل بلع الحزب ( الطُعم )واكد على لسان امينه العام انه لن يُسلًم سلاحه ، لان اسرائيل لم تنسحب من التلال المحتلة في لبنان ،ولم تلتزم بالاتفاق الموقع معها في ٢٧ تشرين الثاني الماضي.
ومما يؤكد ان النية مبيتة لدى اسرائيل ،هو مطالبتها لواشنطن بالعمل على انهاء مهمة قوات اليونيفل في جنوب لبنان، واللافت ان الكونغرس الامريكي لم يجدد موازنات قوات ( اليونيفل ) القادمة ، علما بان واشنطن تقدم ثلث موازنة اليونيفل .
لبنان الرسمي ، بعيش حالة قلق عميق ، وعدم قدرة على اتخاذ اي قرار ، وهو واقع بين نارين ، نار تشدد مواقف الحزب والخوف من وقوع حرب اهلية ، ونار الضغوط الامريكية والدولية عليه .
ورغم مطالبة لبنان، بضمانات امريكية بانسحاب اسرائيل من الاراضي اللبنانية ، وبعدم الاعتداء على لبنان، الا ان ردود واشنطن خيبت آماله لانها تركت الابواب مشرعة امام اسرائيل لكي تفعل ما تشاء .
واذا كان الموقف الرسمي اللبناني صعب ومعقد ، فان مؤيدي الحزب يعبرون ايضا عن مخاوفهم من ان لا تكتفي اسرائيل بنزع سلاح حزب الله ،بل تذهب الى تهجير الشيعة من جنوب لبنان، معتبرين ان هناك خطرا آخر يواجههم وقد يأتي من الجهاديين في سوريا.
والطرف اللبناني الاخر المعادي للحزب، يضع يده على قلبه ، وفئات كثيرة منه تعتبر ان قرار حزب الله بعدم تسليم السلاح، هو قرار ايراني، في ضوء خشية طهران من استهدافها مرة ثانية ، ولذلك هي ستحاول قدر المستطاع ، الحفاظ على اذرعها في المنطقة فعالة ، لكي يتم استخدامها كورقة ضغط و ( أداة ردع ).
واذا كانت اسرائيل والولايات المتحدة ، تركزان على ضرورة نزع السلاح الثقيل من الحزب ، فان قطاعات من الشعب اللبناني تعتبر ان ( السلاح الفردي ) لحزب الله هو الاخطر ، لاعتقادها انه سيوجه ضد اللبنانيين ، في اية مواجهة قادمة.
في ضوء كل هذه التباينات في المواقف لدى مختلف الاطراف ، سيبقى لبنان يتقلى على الجمر ، وظروفه مهيأة لجميع السيناريوهات، التي ترتبط ارتباطا مباشرا ، بالتطورات الجارية و ( المفاجئة ) في الاقليم ، الذي ستكون موجة ( نزع السلاح) من الجميع ، احد ابرز ملامحه، تمهيدا لارساء قواعد الشرق الاوسط الجديد، الذي لا سلاح مؤثر فيه ، الا سلاح اسرائيل المسيطر والمُهيمن.
theeb100@yahoo.com