facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رصيد الحكومة في “بنك العلاقة” مع المواطن


معتز عبدالقادر عساف
28-07-2025 08:59 PM

نتابع باهتمام كبير الجهود الأردنية الصادقة والمتواصلة في دعم أهلنا في غزة، وهي جهود تستحق التقدير، سواء على مستوى القيادة أو المؤسسات أو حتى المبادرات الشعبية. هذه المواقف تعبّر عن ثوابت وطنية وإنسانية عميقة، وتؤكد أن الأردن كان وسيبقى في مقدمة الداعمين لقضايا أمته، وفي طليعتها القضية الفلسطينية.

لكن، وفي المقابل، لا يمكننا أن نتجاهل الكمّ الكبير من ردود الفعل السلبية التي تصدر عن شريحة واسعة من المواطنين، والتي تتفاوت بين التشكيك والرفض والتقليل من قيمة ما يُبذل رسميًا من جهود. هذا التباين الصارخ بين الفعل الإيجابي الرسمي والانطباع السلبي الشعبي يثير تساؤلات عميقة، ويدفعنا للتأمل في تفسير هذا التناقض.

في لحظة تأمل وتحليل، عدت إلى ما طرحه الكاتب العالمي ستيفن كوفي في كتابه الشهير “العادات السبع للناس الأكثر فاعلية”، وتحديدًا إلى مفهوم “حساب بنك العلاقات” (Relationship Bank Account)، والذي شبّه فيه العلاقة بين الأشخاص – سواء كانت شخصية، زوجية، أو مهنية – بحساب مصرفي، يتم فيه الإيداع عبر المبادرات الصادقة، والتصرفات الإيجابية، والاحترام المتبادل، ويتم السحب منه عند حدوث الأخطاء أو الإساءات.

ما لمّح إليه كوفي ببساطة أن الثقة والمصداقية لا تُبنى بكلمة أو موقف عابر، بل هي نتيجة رصيد متراكم من الإيجابيات. وحين يفرغ هذا الرصيد، يصبح أي تصرف – مهما كان جيدًا – محل تشكيك أو حتى رفض.

وهنا بيت القصيد.

عند التفكير في سبب هذا التناقض في ردود الفعل تجاه الجهود الحكومية الإيجابية، أجد أن أحد الأسباب الأساسية لانخفاض رصيد الحكومة في حساب العلاقة مع المواطن، هو بروز شخصيات رسمية أو شبه رسمية تتصدر المشهد الإعلامي والسياسي دون أن تملك أي رصيد من الثقة أو القبول لدى الشارع الأردني.

هؤلاء الأشخاص – الذين يظهرون باستمرار في وسائل الإعلام، ويُفترض أنهم “يمثلون” موقف الدولة – لا يحملون سوى رصيدٍ مستهلكٍ أو سلبي في ذاكرة المواطن، بسبب مواقفهم السابقة، وتلوّن خطابهم، وارتباطهم الدائم بالمصالح الضيقة، سواء في شكل امتيازات حالية أو طموحات لمناصب مستقبلية.

وقد تنخدع بعض الجهات الرسمية بمهارات هؤلاء في الخطابة أو طرح الأفكار، فتظن أن قدرتهم على التعبير تكفي لإقناع الناس. ولكن الحقيقة أن المواطن الأردني اليوم أكثر وعيًا وثقافةً ونقدًا من أي وقت مضى، ولن تنطلي عليه العبارات المنمقة ولا الدفاعات المتكررة. بل على العكس، كلما زاد ظهور هؤلاء، زادت السلبية، لأن رسائلهم تأتي ممن فقدوا المصداقية والاحترام الشعبي.

لذلك، نأمل من المسؤولين والمعنيين إلى متابعة ردود أفعال الناس وتعليقاتهم بعناية، فهذه الشخصيات أصبحت على لسان معظم المواطنين، لا بسبب أثرهم الإيجابي، بل لأنهم تحولوا إلى رمز لانفصال الخطاب الرسمي عن الواقع، وإلى واجهة تضعف الجهد الحكومي بدل أن تدعمه.

وأؤكد مرة أخرى أن الحكومة – وإن كانت تسعد بكلام هذه الشخصيات لأنها “تدافع” عنها – فعليها أن تتحلى ببعد نظر أوسع وأعمق، وتدرك أن الأثر أهم من العمل نفسه، وأن الثقة لا تُمنح من خلال الكلمات، بل تُكتسب من خلال الصدق والتمثيل الحقيقي لنبض الناس.

إذا كانت الحكومة جادة فعلًا في استعادة ثقة المواطن ورفع رصيدها في “بنك العلاقة”، فعليها أن تتوقف عن مكافأة هؤلاء، وأن تمتنع عن الدفع بهم إلى واجهة المشهد، وتبدأ باختيار شخصيات وطنية تحظى باحترام حقيقي وتمتلك رصيدًا صادقًا في علاقتها مع الشارع.

عندها فقط، ستجد الحكومة أن كل جهد إيجابي تبذله سيُقابل بقبول، وكل موقف تتخذه سيُقرأ بحسن نية، لأن المرسل هذه المرة يملك رصيدًا كافيًا في حساب الثقة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :