facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المعايير العلمية في ادارة الأزمات


لانا ارناؤوط
30-07-2025 10:51 AM

اتخاذ القرار في الأزمات لا يمكن أن يُترك للحدس أو الارتجال، بل يعتمد على معايير علمية دقيقة تساعد على تقليل المخاطرة وتعظيم النتائج الإيجابية في بيئة تتسم بالغموض والضغط والسرعة. في الأزمات، لا يملك صانع القرار رفاهية الوقت أو التردد، لكنه أيضًا لا يستطيع أن يغامر دون أسس واضحة، وهنا تظهر أهمية المعايير التي تُستخدم لتقييم الخيارات واتخاذ القرار الأفضل في لحظتها.

من أبرز هذه المعايير ما يعرف بـ معيار مونت كارلو، وهو أسلوب يستند إلى المحاكاة الإحصائية واستخدام الأرقام العشوائية لتوقع نتائج القرارات المختلفة بناءً على تكرار تجريبي للاحتمالات. يُستخدم هذا المعيار بشكل واسع في الأزمات الاقتصادية أو البيئية أو حتى الصحية، لأنه يساعد في احتساب المخاطر المحتملة وتحديد نسبة النجاح أو الفشل لكل خيار مطروح. في ظل عدم اليقين، يمنح هذا المعيار صانع القرار أداة علمية لمقارنة النتائج المحتملة بصورة كمية واقعية.

لكن هناك معايير أخرى لا تقل أهمية. مثلاً، معيار ماكسيمِن، وهو يقوم على اختيار القرار الذي يضمن أفضل أسوأ نتيجة ممكنة، أي أنه يُفضل الخيار الذي تكون نتيجته الأقل ضررًا في أسوأ الحالات. يُستخدم هذا المعيار غالبًا عندما تكون الأزمة حرجة والمخاطر مرتفعة جدًا ولا يمكن التنبؤ بمساراتها بدقة. بينما يعتمد معيار ماكسيمَكس على النقيض تمامًا، فهو يختار الخيار الذي يُتوقع أن يعطي أفضل نتيجة ممكنة، وهو معيار أكثر تفاؤلًا، لكنه أيضًا أكثر مخاطرة.

أما معيار لابلاس، فيفترض تساوي الاحتمالات لجميع النتائج الممكنة، ويعتمد على المعدل الحسابي لكل خيار. هذا المعيار مناسب حين تكون المعطيات غير كافية لتحديد أوزان دقيقة لكل احتمال، ولذلك يُلجأ إليه في بداية الأزمات حيث تندر المعلومات ولكن يلزم التحرك بسرعة.

ويأتي بعد ذلك معيار هورويتز، الذي يحاول التوازن بين التفاؤل والتشاؤم من خلال عامل ترجيح يُسمى معامل الحذر، وهذا المعيار يمنح متخذ القرار فرصة للمخاطرة المدروسة دون تجاهل أسوأ الاحتمالات، ولهذا فهو يُستخدم كثيرًا في القرارات المتعلقة بالموارد أو السياسات المرحلية في أثناء الكوارث.

أما معيار بايز، فهو يعتمد على المعلومات الاحتمالية السابقة لتحديث القرار مع ورود بيانات جديدة، أي أنه يسمح لمتخذ القرار أن يغيّر أو يصحح مساره تدريجيًا مع كل معلومة إضافية. هذا المعيار مهم في الأزمات التي تتغير معطياتها بسرعة، مثل الأوبئة أو الكوارث الطبيعية المتحركة، حيث تصبح القدرة على التكيف والتعديل اللحظي جوهر القرار الصائب.

ويوجد كذلك معيار سافاج، المعروف أيضًا باسم معيار الندم، وهو لا يحسب فقط ما يمكن كسبه أو خسارته، بل يركز على الشعور بالندم إذا ما اتُخذ قرار دون آخر. بناءً عليه، يتم اختيار القرار الذي يُقلل من أسوأ ندم ممكن، وهو معيار مهم جدًا حين يكون صانع القرار في موقع حساس، ويخشى التبعات الأخلاقية أو السياسية إذا ما سارت الأمور في اتجاه خاطئ.

كل هذه المعايير لا تعمل بمعزل عن السياق، بل تحتاج إلى قاعدة بيانات جيدة، وقراءة شاملة لمستوى المخاطرة، وقدرة تحليلية عالية لفريق الأزمة. كما أن استخدامها يتطلب وعيًا بأن القرار لا يُقاس فقط بنتيجته، بل بمساره وبمدى اتساقه مع المعطيات التي كانت متاحة لحظة اتخاذه.

ولذلك فإن تدريب القادة والمسؤولين على استخدام هذه المعايير لا يمكن أن يكون مسألة نظرية فقط، بل يجب أن يكون جزءًا من المحاكاة الميدانية والتجارب العملية حتى يصبح اتخاذ القرار العلمي عادة، وليس استثناءً يُلجأ إليه عند اشتداد الأمور. فالعلم هنا لا يُستخدم فقط للشرح، بل للبقاء، والاستمرار، وتجاوز الأزمة بأقل التكاليف وأكثر الدروس.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :