إعادة تدوير الوزراء .. نهج لا يخدم الشعب
د. حمزة الشيخ حسين
01-08-2025 02:18 AM
في كل مرة يُعلن فيها عن تعديل وزاري جديد، يتطلع الأردنيون إلى تغيير حقيقي ينعكس إيجابًا على معيشتهم اليومية، وعلى قضاياهم الكبرى من بطالة وفقر وخدمات وتراجع في الحريات. غير أن الواقع يثبت، للأسف، أن ما يحدث ليس أكثر من عملية تدوير للأسماء نفسها، يتبدل فيها الشكل دون أن يتغير الجوهر.
النهج القائم على إعادة تدوير الوزراء أثبت عجزه عن تلبية طموحات المواطنين. فالأداء العام للحكومات المتعاقبة لا يزال يُقاس بمؤشرات اقتصادية واجتماعية مقلقة: مديونية متصاعدة، بطالة خانقة، وفقر يطحن الفئات الأضعف، يقابلها انكماش واضح في الخدمات العامة، وعلى رأسها التأمين الصحي الذي تم حجبه عن شريحة واسعة من المواطنين بقرار من مجلس الوزراء نفسه.
أما على الصعيد السياسي، فالتنمية السياسية في تراجع مطرد. فمساحة الرأي والرأي الآخر تتضاءل يومًا بعد يوم، وحرية التعبير تُحاصر بأدوات قانونية لا مكان لها في دول العالم الحر. قانون الجرائم الإلكترونية بصيغته الحالية أصبح أداة تكميم لا وسيلة تنظيم، حتى بات التعبير عن الرأي أو نقد الأداء الحكومي كافيًا لإدخال المواطن إلى السجن، بدلًا من أن يكون أساسًا للحوار والإصلاح.
تكرار الأسماء في الوزارات، دون النظر إلى الكفاءة والإنجاز، هو دليل على غياب إرادة التغيير. هؤلاء الوزراء الذين أثبت الواقع أنهم لم يقدّموا شيئًا يُذكر للشعب الأردني لا يزالون في مواقعهم، بل ويعاد توزير بعضهم أكثر من مرة رغم ضعف الأثر. الأسوأ من ذلك، أن بعض التعيينات تأتي أحيانًا ضد مصلحة الدولة ومؤسساتها، وتُثير شكوكًا حول المحسوبيات وتضارب المصالح.
إن الواجب الوطني اليوم يقتضي إقالة الوزراء الذين لم يحققوا أي نتائج ملموسة، وتكليف شخصيات تمتلك رؤية وطنية وكفاءة حقيقية. فالوطن لم يعد يحتمل مزيدًا من المجاملة أو التكرار. المطلوب اليوم ليس “تعديلًا وزاريًا” شكليًا، بل إعادة بناء الثقة بين المواطن والحكومة عبر خطوات حقيقية تبدأ من اختيار وزراء يحملون مشروعًا وطنيًا لا حقيبة فارغة.
الشارع الأردني لم يعد يطالب بالمستحيل، بل يطلب فقط من يُحسن إدارة الملف الاقتصادي، ويصون كرامة المواطن، ويستمع إلى صوته بدل أن يُطارده.