مضامين الرسائل الملكية في خطاب جلالة الملك مع الإعلاميين
د. دانييلا القرعان
02-08-2025 01:45 PM
جاء خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم مع نخبة من الإعلاميين في وقت حساس ومهم، وجاءت لتؤكد مجددًا أن الرسائل التي حملها اللقاء جاءت بمضامين سياسية وإعلامية عميقة، تعيد ضبط بوصلة الخطاب الوطني وتحصّن الجبهة الداخلية في ظل ظروف إقليمية معقدة.
الرسالة الجوهرية التي حملها اللقاء تتمثل في ضرورة تعزيز روح التماسك، وتفعيل الخطاب الوطني المسؤول، وتحصين الداخل من كل محاولات التشكيك أو الاختراق، وأن وحدة الأردنيين هي الحصن الأقوى أمام أية تحديات، وأن الأردن بقيادته وشعبه، سيبقى كما أراده جلالة الملك وطنًا لا يقبل الابتزاز، ولا يرضى المساس بكرامته أو مواقفه. لقاء جلالة الملك مع الإعلاميين جاء أيضًا ليضع النقاط على الحروف في لحظة سياسية وإعلامية معقدة، وأن دعوته إلى احترام الرأي الآخر ونبذ الإساءة تعبر عن موقف وطني مسؤول.
جلالة الملك كان واضحًا في التأكيد على أن من يُنكر الموقف الأردني أو يُشكك في نواياه إنما يخدم أجندات تستهدف وحدة الصف، والمتمعن بحديث جلالته يلاحظ أنه يعبر عن موقفًا صارمًا يجب أن يُترجم إلى ثقافة عامة، وأن الوحدة الوطنية وتلاحم القيادة والشعب ظلَّ وسيظل دائمًا هوية هذا الوطن وسر صموده. وفي الشأن الفلسطيني، أشار جلالته إلى أن الأردن لم يكن يومًا بحاجة لإثبات صدقه في الدفاع عن غزة، فمواقفه متجذرة، وتحركاته بقيادته في المحافل الدولية تعكس التزامًا أخلاقيًا وسياسيًا وإنسانيًا، يتجاوز الحسابات الضيقة أو الخطابات الشعبوية. اليوم نقول أن ما يقوم به الأردن دفاعًا عن الأطفال والنساء والشيوخ في غزة لا يُعد منّة، بل هو واجب وطني وقومي ثابت، لا يقبل التشكيك. اللقاء الملكي جاء في ظل التصعيد المتواصل في غزة والتحولات الإقليمية، ليحمل رسائل بالغة الأهمية، تعكس موقفًا ثابتًا تجاه القضية الفلسطينية، وترفض أي محاولات للضغط على الأردن لتغيير هذا الموقف.
وفي ظل هذا اللقاء المحوري، وفي ظل الأحداث المتسارعة تقع مسؤولية كبيرة على الإعلام الأردني بترسيخ الثوابت الوطنية، وتحليل الحدث، وتعزيز الروح الوطنية في مواجهة الضخ الإعلامي الممنهج. حديث جلالة الملك في هذا الوقت يعكس إدراكًا عميقًا لطبيعة المرحلة، هو يعبر عن دعوة واضحة لنبذ الاتهامات، والذي أصفه بأنه توجيه سيادي يرسم ملامح مرحلة تتطلب تماسكًا داخليًا ومنع كل أشكال الفوضى التي تتسلل من خلال المواقف الانفعالية، ويصف وحدة الصف الأردني بأنها لم تكن يومًا ترفًا أو شعارًا، بل كانت دائمًا ضمانة أساسية لعبور الأزمات وصون الأمن الوطني، وتصف أيضًا أن جلالة الملك وضع في حديثه أمام الإعلاميين تشخيصًا دقيقًا لحجم التحديات التي تستهدف الأردن، وأهمية التماسك الوطني في مواجهتها، من خلال تأكيد أن تمتين الجبهة الداخلية هو الوسيلة الأنجع لإحباط المخططات التي تستهدف أمن الأردن، خاصة تلك التي تُدار عبر بث بذور الفرقة.
إن جلالته وضع الإعلاميين اليوم أمام مسؤولياتهم الوطنية، متحدثًا بصراحة ووضوح عن حجم الكارثة الإنسانية التي يتعرض سكان غزة الصمود، مؤكدًا جلالته أن الأردن كان وسيبقى السند الأكبر للأشقاء هناك، وذلك انطلاقًا من واجب أخلاقي وإنساني وعروبي لا ينتظر مقابلاً ولا يطلب شكرًا.
جلالة الملك تناول خلال اللقاء محاور عدة يمكن الإشارة بالمختصر أبرزها الدور الحيوي الذي يقوم به الأردن في المنابر الدولية دفاعًا عن القضية الفلسطينية، وحرصه على إيصال صوت الضحايا ومعاناتهم إلى المجتمع الدولي، من خلال تحركات سياسية ودبلوماسية مدروسة، ونشير هنا أن جلالته عبر عن ألمه الشخصي العميق لما تشهده غزة من إبادة وتجويع، قائلاً: "أنا أول من يشعر بالغضب… أعرف شعبي الأصيل حق المعرفة، وهو لا يتخلى عن أشقائه”. ومن خلال حديث جلالة الملك العميق نلاحظ وبشكل واضح دعوته إلى احترام تنوع الآراء بين الأردنيين في التعبير عن تضامنهم، لكن دون تشهير أو تهجم أو انقسامات، مؤكدًا أن وحدتنا الوطنية هي مصدر قوتنا ودعمنا للأشقاء، وأن استمرار الحياة والعمل هو ضرورة وطنية لا تتعارض مع الحزن أو التضامن مع غزة، بل تعكس قوة الأردن وصموده.
جلالته شدد على أن قوة الأردن الاقتصادية والسياسية هي رافعة حقيقية لقضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية،وأكد جلالته أن المملكة مستمرة في مسيرة التحديث والتطوير الداخلي، بالتوازي مع أداء واجبها القومي تجاه أشقائها. اللقاء عكس ثقة جلالة الملك بالإعلام الوطني وقدرته على حمل رسالة الأردن النبيلة في هذه الظروف الدقيقة، وفي النهاية علينا جميعًا كأردنيين وإعلاميين وسياسيين الى مواصلة الجهود وتأكيد الدور في تعزيز المهنية والالتزام الوطني في تغطية تطورات المشهد، ومواجهة حملات التضليل والتزييف التي تتعمد تشويه صورة الأردن ومواقفه الثابتة تجاه القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية وتحديدًا الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة..