facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماذا لو كان صوت الداخل بحجم موقف الملك في الخارج!


أ. د. هاني الضمور
03-08-2025 09:23 AM

لست صحفيًا، ولا أنتمي إلى تلك المدرسة النبيلة التي علّمتنا أن الكلمة قد تساوي معركة، وأن المقال أحيانًا أثقل من بيان سياسي. لا أحمل بطاقة مهنية، ولا أجلس إلى مكاتب التحرير، لكنني أقرأ.

أقرأ بوعي من يرى الأشياء دون أن يُقال له كيف يراها.

أقرأ لا لأنتقد، بل لأنصح.

لا من علٍ، بل من قلب هذه الأرض التي علّمت أبناءها التمييز بين الصدق والصوت العالي.

وأنا أكتب، لا أكتب لأجل المقال، بل لأجل الكلمة التي يجب أن تُقال.

في زمن يتعالى فيه الغبار، كان واضحًا من هو الذي يشقّ الطريق بثبات. الملك عبد الله الثاني لم يتكلم فقط باسم الأردن، بل باسم كل عربي وقف مذهولًا من حجم الوحشية، ومن تخاذل الأصوات.

لم يلوّح بالشعارات، بل استخدم أدوات الدولة العاقلة؛ الكلمات الدقيقة، والمواقف الحازمة، والجولات الدولية الهادئة والثابتة، ليقود ما يشبه معركة دبلوماسية حقيقية.

على جبهة تفكك الرواية الاسرائيلية، وعلى خطوط النار السياسية التي حاولت إسرائيل طمسها لعقود، خاض الأردن، بقيادة الملك، حربًا ذكية طويلة. حرب اختراق للداعمين، لا للمُعادين فقط. حرب تفكيك للغطاء الأوروبي عن إسرائيل، لا مناوشات في الهامش.

سأل كثيرون: كيف تحوّلت بريطانيا – صاحبة وعد بلفور – إلى دولة تُلوّح بإقامة دولة فلسطينية؟

كيف تخلّت ألمانيا، التي كانت تُشكّل درعًا أوروبيًا لإسرائيل، عن خطابها المُعتاد؟

أين ذهب نتنياهو حين كان يقول بثقة: “أحمل ألمانيا في ظهري”؟

ما الذي دفع ماكرون لقيادة مبادرة لحل الدولتين؟

ولماذا قرّر الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقية شراكته مع إسرائيل للمرة الأولى؟

الجواب ليس سرًا: الملك كان هناك.

كان حاضرًا في الغرف الخلفية، وعلى المنصات الأمامية.

تحدث أمام البرلمان الأوروبي في خطاب أيقظ ضمائر غُلفت لعقود، وقال ما لم يجرؤ كثيرون على قوله.

حمل فلسطين كقضية، لا كملف. حملها في قلب كل ملف أردني، لأن المصير واحد.

لكن في المقابل، أتساءل كقارئ:
هل يواكب إعلامنا المحلي هذا الحضور الكبير؟

هل يبدو خطاب الداخل في مستوى خطاب الخارج؟

هل يشعر الأردني، وهو يتنقل بين قنواته المحلية وصحفه اليومية، أن صوته يُقال، وأن صورته تُحترم؟

للأسف، أقولها وأنا أدرك حساسية السؤال: هناك فجوة، لا يمكن إنكارها.
في الوقت الذي يقف فيه الملك ليواجه قوى الضغط الكبرى، ينشغل إعلامنا بردود متسرعة على صفحات صغيرة، يُفرط في التهليل لمسؤول هنا، أو منشط هناك، وكأن الأولوية ليست لتثبيت الموقف الوطني، بل لتلميع أداء موظفين.

أين التوازن؟
أين المهنية؟
أين البوصلة التي تضمن أن صوت الدولة لا يُشوّه في طريقه إلى الناس؟

أقول هذا لا لأنني أعارض، بل لأنني مع.
مع الدولة، مع موقف الملك، مع كرامة الأردن التي يجب أن تُحفظ، لا بالتصفيق، بل بالعقل والاحتراف.

الملك لم يُوفّر جهدًا. زار، التقى، حاور، أرسل الرسائل حيث يجب أن تصل.
هو الزعيم العربي الوحيد الذي حسم مع ترامب مبكرًا موضوع التهجير، وأغلق الباب أمام أي مشروع مساس بالهوية.
هو أول من التقى المستشار الألماني ميرتس، قبل وبعد وصوله.
هو من حمل ملف فلسطين إلى كل قاعة قرار، لا كصوت مُجامل، بل كموقف لا يُساوَم عليه.

وفي المقابل، يحتاج هذا الجهد إلى جناح إعلامي يُعبّر عنه كما يليق.
إعلام لا يتوه في التفاصيل، ولا يُقصي من يُريد الخير فقط لأنه لا يهلل، ولا يستبدل المهنية بالزبائنية.
نحتاج إلى وجوه جديدة، إلى أصوات متنوعة، إلى خطاب لا يُستفز من الاختلاف، بل يُغنيه.

لست صحفيًا، ولا أزعم القدرة على إدارة المشهد، لكنني أعرف حين تُقال الحقيقة من باب الوفاء، وحين تُمنع من باب الخوف.
أعرف متى يكون النقد خيانة، ومتى يكون أمانة.
وأعلم أن في لحظات كالتي نعيشها، لا يجوز للكلمة الصادقة أن تُؤجل.

الملك يقف في الصفوف الأمامية، يُدافع عن صورة هذا الوطن كما لم يفعل أحد.
فهل يُعقل أن يتقدمه الجميع في الجهد، ويتخلف عنه إعلامه؟
هل يُعقل أن نملك كل هذا الحضور، ونخسر معركة الرأي العام لأننا لا نُجيد ترتيب جملنا الداخلية؟

رسالتي بسيطة:
إن كانت الدولة تُقاتل على جبهات السياسة، فيجب أن يُساندها إعلام يُشبهها.
لا إعلامًا يُضيع الوقت في التغطيات الباهتة، بل إعلامًا يعزف للأردن على بيانو الحقيقة، لا طبول التكرار.

أنا لست صحفيًا…
لكنني أنتمي، وأخاف، وأرجو، وأحلم.
وأرى — كما يرى غيري — أن صوت الملك يكفي في الخارج، لكنه يحتاج أن يُعزّز في الداخل.
بالكلمة. بالمهنية. بالشرف.
فهل نكون على قدر اللحظة؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :