facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




آب اللهّاب ..


فيصل سلايطة
05-08-2025 06:03 PM


في فجر الثاني من آب عام 1990، استيقظ العرب على خبر صادم: الجيش العراقي اجتاح الكويت. لم يكن حدثًا عاديًا في سجل السياسة العربية، بل كان لحظة مفصلية ألهب فيها صدّام حسين آب الشارع العربي، وأشعل فتيل التفكك والدمار، ليس فقط في الخليج، بل في جسد الأمة العربية كلّها.

كان صدّام حسين، في أعين كثيرين، "رمزًا" مقاومًا، يتغنّون بخطاباته النارية، ووقفاته الاستعراضية ضد "الإمبريالية" و"العدو الصهيوني". لكنه في الحقيقة كان يجيد التهديد أكثر مما يجيد الفعل والبناء، يبرع في إطلاق التصريحات الفارغة أكثر من قدرته على قيادة مشروع حقيقي للنهضة أو الوحدة. والغريب أن كثيرًا من الجماهير العربية، رغم مشاهد الدمار، أحبّته بإخلاص غير عقلاني، فقط لأنه "تحدّث" بلهجة المنتصر. وكأن الكرامة تُسترجع بالكلمات لا بالفعل.

فماذا يختلف صدّام عن أي محتل غازٍ؟

الاحتلال العراقي للكويت لم يكن مجرد نزوة عسكرية، بل غباءٌ استراتيجي دمّر ما تبقّى من حلم الوحدة العربية. فكيف لعاصمة عربية أن تجتاح شقيقتها؟ كيف لمن يدّعي العروبة أن يغرس أول مسمار في نعشها؟ في لحظة واحدة، انهار مفهوم "البيت العربي" وتحول إلى ركام من الخيانات والانقسامات.

ما فعله صدام بالكويت لم يكن غزوًا فحسب، بل نهبًا وتخريبًا ممنهجًا. أُحرقت آبار النفط، نُهبت الممتلكات، تم تهجير السكان حتى لو بشكل مؤقت، وتشويه النسيج الاجتماعي. كانت رسالة دموية إلى كل من توهّم أن "الزعيم القومي" يعني الحماية لا الهيمنة.

أما العراق، فقد دفع الثمن الأغلى. عاش العراقيون في جحيم الحصار سنوات طويلة، انهارت العملة، وتفككت الدولة، وتحول "بلد الحضارات" إلى خراب. كل ذلك بسبب طاغية قرر أن يختزل الأمة في صورته، أن يختزل القرار في نزقه، وأن يختزل الشعب في جيشٍ يساق للموت.

ثم جاء 2003، وسقطت بغداد. لم يكن ذلك فقط غزوًا أمريكيًا، بل تتويجًا لعقود من الطغيان والعزلة والحماقة. العراق الذي كان يمكن أن يكون منارة حضارية، أصبح ساحة لصراع الميليشيات، والانقسام الطائفي، والدمار الممتد.

لكي ننصف صدام قليلا ، لا يمكننا أن نلغي ما فعله في العراق من انجازات ، من نهضة ، من تعليم و صحة ، من قبضة قوية على بلد متشعّب الطوائف و الاحزاب...لكن كم ضرب أرضا حرثها...هكذا فعل حسين للأسف!

لقد دمّر صدّام العراق أكثر مما حماه، ودمّر الحلم العربي أكثر مما ساهم في بنائه. لم يكن إلا ديكتاتورًا متغطرسًا، صدّق أن الهتاف له يعني الحق، وأن التصفيق يغني عن الرؤية. ولكن الحقيقة سطعت، ولو بعد حين: من يشعل الحرب على إخوته، لن يجلب إلا الخراب لنفسه ولهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :