سيناريوهات محتملة لغزة والقضية
كمال زكارنة
09-08-2025 12:09 PM
الكل ينتظر ماذا سيفعل نتنياهو بقطاع غزة،والكيان بجميع مؤسساته العسكرية والامنية والسياسية والمدنية ،مشغول في البحث والنقاش والعصف الذهني والجدال الحاد،الذي يصل احيانا الى حد الشجار والتراشق اللفظي البذيء، بينما يفتح الآخرون افواههم ويبحلقون عيونهم ،وهم يترقبون وينتظرون كيف سيكون شكل التعامل الاسرائيلي القادم مع قطاع غزة.
لا شك ان حالة من التخبط والارباك والتدهور والانهيار المعنوي تسود الكيان،بعد مرور ما يقارب اثنين وعشرين شهرا، على حرب لم تنتج الا الابادة الجماعية بحق مدنيين،ولم تحقق اية اهداف عسكرية وسياسية وامنية ،خسرت اسرائيل فيها حتى الان اكثر من ثمانين الف مصاب جسديا ونفسيا،وما يقارب عشرين الف قتيل من الضباط والجنود ،الى جانب الخسائر المادية العسكرية والاقتصادية والاجتماعية ،واختلال معادلة الهجرة لصالح الهجرة العكسية، التي تعتبر مقتل الاحتلال الحقيقي.
ما يبحث عنه نتنياهو استراتيجيا وايدلوجيا ،هو اجتثاث قطاع غزة من الوجود ،ديمغرافيا وجغرافيا ومكانيا ان استطاع.
السيناريوهات المتوقعة لقطاع غزة خلال المرحلة القادمة ،او خلال الاسابيع القليلة المقبلة،هي اولا،احتلال قطاع غزة بالكامل عسكريا، وتستطيع اسرائيل بقوتها العسكرية الضخمة وبمساعدة امريكا وبريطانيا والمانيا وغيرها،ان تحقق هذا السيناريو،اذ لم يتبق من مساحة القطاع اكثر الربع خارج سيطرة الاحتلال العسكرية،رغم ان كامل مساحة القطاع تحت السيطرة النارية الكاملة للاحتلال.
معوقات هذا السيناريو، أن اسرائيل سوف تصبح مسؤولة قانونيا عن حياة كامل سكان ومساحة قطاع غزة من جميع الجوانب،الصحية والتعليمية والخدمية والمعيشية والسكنية والبيئية وغيرها،واهمها الامنية،كما ان جيش الاحتلال سوف يواجه حرب استنزاف مكلفة جدا وباهظة الثمن،الى جانب فشل الهدف الاهم لهذا السيناريو، وهو تحرير الاسرى الاسرائيليين الذين سيفقدون حياتهم بكل تأكيد،كما سيتم احفاء جثثهم والجثث الاخرى لاسرى اخرين.
السيناريو الثاني،احتلال مدينة غزة لوحدها ،بعد اجلاء نحو مليون فلسطيني منها،اما معوقات هذا السيناريو فهي،تأمين اماكن ايواء آمنة لهذا المليون من البشر ،وما يحتاجونه مع تهيئة بنية لوجستية وتحتية هم ومن يتواجدون في المناطق التي سيجلون اليها وسط القطاع،وعدم دخول جيش الاحتلال الى معسكرات اللاجئين في الوسط التي لم يصلها الجيش الغازي حتى الان،وانخفاض نسبة الفوائد الامنية من هذه السيطرة على غزة ،نتيجة ضعف الاحتمالات لتواجد اسرى اسرائيليين في المدينة وامكانية العثور عليهم،السيناريو الثالث ،وقد يكون الاقرب الى الواقع امام الفشل الاسرائيلي في تحقيق اهداف العدوان،وهو استغلال الاسابيع القليلة القادمة ،التي تعتبرها اسرائيل ضرورية للتحضير لتوسيع الحرب على غزة،استغلالها في تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية ،من قبل الوسطاء وواشنطن والاتحاد الاوروبي،من اجل التوصل لاتفاق هدنة وصفقة تبادل ،تقود الى وقف نهائي لهذه الحرب الوحشية على الشعب الفلسطيني.
اما سيناريوهات ما بعد الحرب، اذا توقفت افتراضيا،فانها ستكون في اتجاهين ،الاول،اما ان تفتح الابواب نحو افق تفاوضي سياسي يقود الى حلول نهائية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي والعربي الاسرائيلي.
اما السيناريو الثاني وهو الخطير جدا،ويشكل الهدف الاستراتيجي للاحتلال،وهو الانحراف نحو تصفية كاملة وحقيقية للقضية الفلسطينية، من خلال ضم جميع الاراضي الفلسطينية المحتلة للكيان،وتهجير جماعي للشعب الفلسطيني وتشتيته في مختلف انحاء العالم، إن استطاعوا.