facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين العقبة وشرم الشيخ: السياحة كرافعة اقتصادية أم فرصة ضائعة؟


فيصل سلايطة
09-08-2025 04:55 PM

من يقف على شاطئ العقبة ويطل على زُرقة خليجها، يدرك أن هذه المدينة الأردنية تمتلك كنزًا طبيعيًا نادرًا، لا يقل جمالًا أو جاذبية عن أي وجهة سياحية عالمية. ومع ذلك، فإن المقارنة الميدانية بين العقبة وشرم الشيخ تُظهر فجوة واضحة في مستوى الاستثمار السياحي، التنوع الترفيهي، والقدرة على جذب الأسواق العالمية.

قضيت أسبوعًا في شرم الشيخ، ولاحظت كيف تمكّنت هذه المدينة المصرية من تقديم باقة متكاملة للسائح: شواطئ منظمة، مراكز غوص و العاب مائية، حياة ليلية نشطة، فنادق شاملة الخدمات، وحتى كازينوهات مرخّصة مخصصة فقط للسياح الأجانب، تعمل كجزء من منظومة ترفيهية متكاملة، بعيدًا عن المواطنين المصريين لضمان ضبط البعد الاجتماعي.

هذه المنشآت ليست مجرد أماكن لعب، بل أدوات اقتصادية تسحب المزيد من إنفاق السائح داخل المدينة بدل أن يغادر بإنفاقه إلى وجهات أخرى.

في المقابل، العقبة رغم كونها منطقة اقتصادية خاصة لا تزال تفتقر لهذا التنوع في المنتج السياحي. الفنادق موجودة، والشاطئ موجود، لكن الأنشطة الترفيهية الليلية محدودة، والتجارب السياحية لا تصل إلى مستوى منافسة شرم الشيخ أو دبي.

النتيجة أن فترة بقاء السائح في العقبة أقصر، وإنفاقه أقل، وفرص العمل المباشرة وغير المباشرة أضعف.

الضرورات السياحية والاقتصادية

1. تنويع المنتج السياحي: الاعتماد على البحر فقط لا يكفي. يجب إضافة مرافق ترفيهية، عروض فنية، مراكز تسوق ليلية، ومرافق ألعاب أو كازينوهات مرخصة للأجانب، كما تفعل دول عديدة دون أن تتأثر بنيتها الاجتماعية _المشكلة الكبرى أن أي مهرجان أو حفل فني يواجه مجتمعيا بالرفض دون ادراك البعد الاقتصادي مطلقا!

2. إطالة فترة إقامة السائح: عندما يجد السائح خيارات متعددة من النهار حتى ساعات الليل، يزيد معدل إنفاقه، ما ينعكس على الفنادق، المطاعم، النقل، والعمالة المحلية.

3. تحفيز الاستثمارات الدولية: المستثمر يبحث عن بيئة جاذبة وشاملة. كل نشاط إضافي يجذب فئة جديدة من السياح ويضخ عملة صعبة في الاقتصاد.

4. خلق وظائف مباشرة وغير مباشرة: قطاع السياحة ليس فنادق فقط، بل منظومة تشمل آلاف العاملين من المرشدين، السائقين، الطهاة، الفنانين، وعمال الخدمات.

العقبة بحاجة إلى قرار جريء يوازن بين المحافظة على قيم المجتمع، وجعلها وجهة سياحية عالمية بحق. التجربة المصرية في شرم الشيخ أثبتت أن توفير بعض الأنشطة الترفيهية الموجهة للسائح الأجنبي، مع ضوابط واضحة، ينعكس مباشرة على الدخل القومي، ويحوّل المدينة إلى نقطة جذب إقليمية.

في النهاية، المنافسة السياحية ليست رفاهية، بل ضرورة اقتصادية. وإذا أرادت العقبة أن تتحول من "مدينة جميلة" إلى "وجهة عالمية"، فعليها أن ترفع سقف إمكانياتها لتواكب ما يقدمه الآخرون.

هذه التجربة تطرح سؤالًا جوهريًا: إذا كان بلد الأزهر قد استطاع أن يضع فصلًا عمليًا بين قرارات الاقتصاد واعتبارات الفقه في مجالات السياحة، فلماذا لا تستطيع العقبة أن تفعل الشيء نفسه؟

المشكلة في الأردن ليست فقط في القوانين، بل في المعوقات المجتمعية التي تتوجس من أي فكرة جديدة، حتى لو كانت موجهة للسائح الأجنبي، وتتعامل معها وكأنها تهديد مباشر للقيم، رغم وجود وسائل تنظيم وضبط صارمة.

الدين والاقتصاد: أين يلتقيان وأين يفترقان؟

في الإسلام، هناك قاعدة فقهية مهمة: "تغير الأحكام بتغير الزمان والمكان". هذا لا يعني التنازل عن الثوابت، بل يعني النظر في المستجدات وفق فقه المصلحة والمآلات. فإذا كان النشاط موجهًا للاجانب ، ومحصورًا في أماكن معينة، ويعود بعائد اقتصادي يحسن معيشة الناس ويوفر وظائف للشباب، فهنا يصبح النقاش ليس حول “الحلال والحرام” بقدر ما هو حول “المنفعة والضرر” وكيفية الإدارة.

شرم الشيخ مثال واضح: مصر لم تسمح بهذه الأنشطة في كل مدينة أو بين المواطنين، لكنها وضعتها في نطاق سياحي خاص، يخضع للرقابة، ويحقق عائدات بالمليارات. النتيجة أن السياح يجدون ما يبحثون عنه داخل المدينة، ولا يضطرون للذهاب إلى وجهات منافسة خارج البلد.

المعوقات المجتمعية في الأردن :

الخوف من التغيير: أي فكرة جديدة تُقابل فورًا بالرفض الشعبي قبل حتى دراسة جدواها أو تنظيمها.

الخلط بين الخصوصية المجتمعية والفرص الاقتصادية: يتم التعامل مع المرافق السياحية الموجهة للأجانب وكأنها ستفرض على المواطنين.

غياب النقاش العقلاني: بدل وضع ضوابط، يتم إغلاق الباب تمامًا، ما يجعل العقبة تخسر فرص عديدة....





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :