في الحوار العربي الأفريقي
د. عزت جرادات
10-08-2025 10:01 AM
كانت العلاقات العربية الأفريقية: مفهوم وتصور، موضوع الحوار في جمعية الشؤون الدولية، إذ استضافت الجمعية المفكر العربي الأستاذ صادق الفقيه، السفير السوداني الأسبق لدى المملكة الأردنية الهاشمية، الذي قدّم عرضًا سلسًا وشبه شمولي للعلاقة العربية الأفريقية، تلك القارة التي انتشرت فيها الثقافة واللغة العربية في معظم أقطارها. ومما يدعو للإشارة والتأمل أن هذه القارة انتشر فيها الإسلام بما يُسمى اليوم "القوى الناعمة"، أي عبر الثقافة واللغة.
وهذا يذكرنا بما أورده الشيخ الأزهري المرحوم محمد أبو زهرة في ستينيات القرن الماضي، حيث ذكر أن انتشار العربية والإسلام في القارة الأفريقية كان بتأثير وجهود ثلاث فئات: الرحالة العرب المسلمون، التجار العرب المسلمون، ودعاة الأزهر الشريف الذين كانوا يُوزَّعون في مختلف مناطق القارة. لقد أثرت هذه الفئات في السكان الأفارقة بسلوكهم ومعاملاتهم معهم بالسلام والصدق والقدوة الحسنة.
بدأ الاهتمام بموضوع العلاقات العربية الأفريقية في منتصف القرن الماضي تقريبًا، حيث بدأت الدول الأفريقية تحصل على استقلالها عن الدول الأوروبية التي وظفت التبشير لأغراض استعمارية استثمارية من طرف واحد.
وعُقدت ثلاثة أو أربعة اجتماعات خلال الخمسين سنة الماضية بين مؤسستي الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، بدأت باهتمام وانتهت بدون جدوى.
ويُعزى فشل أو خيبة الأمل في هذه اللقاءات إلى عوامل عدة، لعل أهمها:
قوة التنافس الدولي على الساحة الأفريقية، حيث هيمنت الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين، وكان الطرف العربي أقل جاهزية وتأهيلًا لهذا التنافس.
تضارب المصالح لبعض الدول بين الطرفين، فكان الدعم الأقوى للدول الأفريقية، ويُعتبر سد النهضة نموذجًا لذلك التضارب.
نقل الخلافات العربية - العربية إلى الساحة الأفريقية، كقضية الصحراء مثلاً، مما أوجد مشاعر الإحباط لدى الأفارقة وأضعف التفاوض.
أخيرًا، كان ضعف الاهتمام المتبادل واضحًا في العلاقات، وكانت القطيعة نتيجتها الطبيعية.
وإذا ما أُريد إحياء تلك العلاقة، فإن الطريق الوحيد هو الثقافة العربية، كما كانت البداية.