مملكة الأنباط الأردنية .. اصدار مرتقب للعبادي
10-08-2025 11:05 AM
عمون - يضع المؤرخ والمفكر الأردني البارز، الدكتور أحمد عويدي العبادي، اللمسات الأخيرة لى مؤلَّفه الجديد "مملكة الأنباط الأردنية من 600 ق.م إلى 106 م"، في عمل علمي رزين من مجلدين، يُرتقب صدوره قبل نهاية العام الجاري أو مطلع العام المقبل بإذن الله. يأتي هذا الكتاب كتتويج لسنوات من البحث الأكاديمي الدقيق، الميداني والمكتبي، ليشكل نقلة نوعية في الدراسات التاريخية حول الأنباط ودورهم في الأردن والمنطقة العربية.
في هذا العمل، لا يكتفي د عويدي العبادي بإعادة سرد تاريخ الأنباط وفق التسلسل الزمني، بل يتوغّل في تحليل جذورهم الثقافية، وتفاعلاتهم الاجتماعية، وإسهاماتهم الحضارية، مستندًا إلى رؤية نقدية متينة تتحدى الروايات الاستشراقية والمناهج التقليدية في الدراسات العربية والأجنبية. ومن خلال لغة علمية رصينة ومنهج تحليلي صارم، يقدّم المؤلف قراءة جديدة تزعزع مسلّمات تاريخية طالما اعتُبرت بديهية، وفي مقدمتها مقولة "العرق السامي" التي يصفها بـ"الأسطورة المصطنعة في القرن الثامن عشر"، مقترحًا بديلًا علميًا أكثر اتساقًا مع الشواهد الأثرية والتاريخية، هو مصطلح "الثمودية العربية".
كما يعيد الكتاب رسم صورة البتراء من منظور تاريخي جديد، مؤكدًا أن الأنباط لم يكونوا مؤسسيها الأوائل، بل ورثة لحضارات أردنية عريقة مثل الحوريين والأدوميين، الذين وضعوا الأسس الأولى لفن النحت المعماري فيها منذ أكثر من 12 ألف عام. ويبرز المؤلف كيف طوّر الأنباط هذا الإرث الحضاري، فبلغ أوجه في عصرهم الزاهر، قبل أن يتوقف مع الاحتلال الروماني عام 106 م.
بهذه المقاربة، يتحوّل الكتاب إلى أكثر من مجرد دراسة تاريخية؛ إنه مشروع لإعادة كتابة الذاكرة الحضارية للأردن، وربط ماضيه العميق بهويته الوطنية المعاصرة، بعيدًا عن التفسيرات المقولبة التي فرضتها القراءات الاستشراقية. ومن المنتظر أن يُحدث هذا العمل، عند صدوره، حراكًا علميًا وفكريًا واسعًا، نظرًا لما يحمله من جرأة في الطرح، وعمق في التحليل، وارتباط وثيق بتراث الأردن ودوره في الحضارة العربية.
يندرج هذا المؤلَّف ضمن سلسلة من الأعمال الكبرى التي كرّس لها الدكتور العبادي حياته العلمية لإعادة قراءة تاريخ الأردن القديم، مثبتًا مكانته كأحد أبرز المراجع الفكرية في الدفاع عن الهوية التاريخية العربية، وإبراز مساهمة الأردن في مسيرة الحضارة الإنسانية.