التعليم التقني والتطبيقي: مستقبل واعد
د. مصطفى العدوان
11-08-2025 12:57 PM
هذا وقد ظهرت نتائج الثانوية العامة بما تحمله من لحظة فارقة في حياة الطلبة واولياء امورهم حيث يواجه الاهل قبل الطلبة مسؤولية اختيار التخصص الذي يشكل مستقبل الابناء المهني والشخصي في ظل ما نشهده من اشباع وركود في العديد من التخصصات الانسانية والعلمية بما فيها الطب والهندسة، الامر الذي يستحق معه البحث عن خيار آخر لاستكمال المسيرة التعليمية في ظل التطور المتسارع والمتغير في سوق العمل واحتياجاته المقرونة بتزايد الطلب على المهارات التقنية والتطبيقية التي تؤهل الخريجين للعمل بكفاءة واقتدار في القطاعات الانتاجية المختلفة.
ويمكن هنا ادراج العديد من الحجج التي تجعل من التعليم التقني والتطبيقي الخيار الامثل لما يمثله هذا المسار من فرص وظيفية واعدة وقادرة على تلبية احتياجات سوق العمل المتزايدة في الطلب على الكوادر التقنية والفنية في مجالات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والمهن الصحية وغيرها من مستلزمات الصناعات الحديثة.
الامر الذي يتيح لخريجيه العديد من الفرص الوظيفية مقارنة بزملائهم في التخصصات الاخرى لما يوفره لهم من مهارات متخصصة تمكنهم من ولوج سوق العمل بيسر وسهولة وبأجور تنافسية.
فالتعليم التقني والتطبيقي يعد هنا الخيار الامثل كونه يميل للتركيز بشكل اكبر على الجوانب العملية والتطبيقية، وبالتالي يمكن الخريج من تلبية حاجة الشركات والمؤسسات المختلفة المتعطشة إلى كوادر مؤهلة ومدربة. كما ان تعدد التخصصات التقنية والتطبيقية تمنح الطالب مرونة في اختياراته بحيث يمكنه الالتحاق بما يتناسب مع ميوله وشغفه، وبالنتيجة تحقق له سهولة الانخراط في سوق العمل والحصول على استقلال مالي بصورة اسرع بالمقارنة مع التعليم الجامعي التقليدي المشبع.
ويمكن هنا على سبيل المثال لا الحصر الاشارة لبعض التخصصات التكنولوجية التي تعد من اسرع الوظائف نموا في المستقبل تبعا لتقرير مستقبل الوظائف الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2025 إذ يتزايد الطلب عليها باطراد وتصبح مطلوبة بقوة يوما بعد يوم، بل وفي خلق 11 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030 مثل الذكاء الاصطناعي الذي يعد من أسرع المجالات نموًا مع توقع زيادة كبيرة في الطلب على مهندسي الذكاء الاصطناعي وعلماء البيانات ومختصي تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العديد من الصناعات. كما أن تزايد الهجمات السيبرانية يجعل تخصص أمن المعلومات تخصصا مطلوبًا بشكل متزايد حيث يحتاج الاردن وحده الى 8000 الاف وظيفة خلال السنوات الخمس القادمة حسب تصريح الدكتور احمد حياصات رئيس المجلس الوطني الاردني للامن السيبراني.
أما في مجال الاعمال فان الطلب يتزايد على المحللين الذين يمكنهم استخراج المعلومة القيمة من البيانات الضخمة المتوفرة بين ايديهم لتمكين المؤسسات من اتخاذ قرارات ذكية في مجال الأعمال والعلوم على حد سواء. ولا يمكن ان نغفل هنا تخصصات الحوسبة السحابية لاعتماد الشركات عليها بشكل اكبر مما يخلق طلبًا متزايدا على مطوري الأنظمة السحابية. يضاف الى ذلك تقنيات الواقع المعزز والافتراضي في التعليم والترفيه والتصميم.
أما في المجالات الهندسية التقنية فيتزايد الطلب على التقنيات الهندسية الحديثة خصوصا في مجال الطاقة المتجددة. كما يمكن الاشارة الى ارتفاع الطلب على التخصصات التقنية الطبية في مجالات الرعاية الصحية المختلفة ومهن التمريض الدقيقة وتقنيات الحد من الأثر البيئي نتيجة تفشي العديد من الامراض.
وحتى في التخصصات الأقل طلبًا والتي تحظى بشعبية مثل تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية والاعمال يحتاج حاملوها إلى اكتساب مهارات إضافية تقنية أو تطبيقية لخلق فرصة عمل.
هذه امثلة على ما يمكن ان يقدمه التعليم التقني والتطبيقي من فرص تعليمية مختلفة. الامر الذي يدفعني اليوم للتشديد في رسالتي هذه للطلبة الناجحين وهم اليوم على أعتاب البحث عن مستقبلهم ان التعليم التقني والتطبيقي هو طريقكم الامثل نحو برامج متقدمة وفرص عمل حقيقية. لا تقللوا من قيمة التعليم التقني وأهميته، بل اختاروا تخصصاتكم بعناية بعيدا عن المؤثرات الاجتماعية، فالتعليم التقني أساس بناء المجتمعات المتقدمة والاقتصاد القوي، وبالتالي توفير واشغال فرص عمل حقيقية.
فهذا النوع من التعليم يشكل وجهة أمل للطلبة المقبلين على الدراسة الجامعية والجامعية المتوسطة لمن يرغب في الالتحاق بكليات المجتمع أو الكليات الجامعية التقنية لما يمثله ذلك من مستقبل مهني قوي يمكنهم من الاستفادة من فرص العمل المتنامية.
انه خيار المستقبل الواعد الذي يوفر مجموعة واسعة من التخصصات، وبالتالي مرونة في اختيار المسار التعليمي الذي يناسب مختلف اهتمامات وطموحات الطلبة. لذا انصح باستثمار هذه الفرصة لما تحمله من مستقبل واعد يمزج بين التعليم والتشغيل. ليس فقط في سوق العمل المحلي بل العربي والدولي ايضا.