قيل في تقرير عابر اطّلعتُ عليه، وليس بالضرورة أن يكون دقيقاً، إنّ إسرائيل تمتلك سلاحاً جينياً ذكياً وفتاكاً لا يخطئ هدفه أبداً، يعتمد على قراءة الخارطة الجينية للهدف المقصود، بناءً على معلومات يتم تخزينها عن الأشخاص المستهدفين، وهم بالنسبة لإسرائيل كل من يعارض الاحتلال أو يعمل ضدها، وقد تتسع دائرة المستهدفين لتشمل كل عربي لا ينساق للمشروع الصهيوني ويقف بطريقه، سواء بسلاحه أو بعقله.
هذا ليس مجرد كلام من الخيال، بل حقيقة جرى تسريب بعض المعلومات المتعلقة بها، ولكن ليس كلها، استناداً أو ربما تبجحاً بسلسلة اغتيالات نجحت إسرائيل في تنفيذها بدون أخطاء، وتشمل القائمة قيادات حماس في مختلف أماكن تواجدهم في دمشق أو بيروت أو طهران، وفي غزة بطبيعة الحال.
السلاح الأعجوبة يعمل على مبدأ توجيه الصاروخ إلى الشخص المقصود بناءً على خارطته الجينية، التي يتم الحصول عليها بطرق متعددة، سواء عن طريق العملاء والجواسيس أو عن طريق المعلومات الطبية للأشخاص، أو عن طريق الأخطاء التي يقع فيها المستهدفون. وقيل بوضوح في تسريبات إعلامية إن اغتيال العلماء الإيرانيين تم بهذا السلاح، وكذلك تمت عملية اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله وبقية قيادات الحزب في ملاجئ سرية محصنة، وبنفس الأسلوب تمت عملية اغتيال إسماعيل هنية في غرفة نومه في طهران، وقيادات أخرى من الصين، الأول والثاني تجد فيهما إسرائيل خطراً على وجودها. المهم الذي علينا أن نعرفه أن هذا السلاح لا يقتل المقاومين الذين يحملون السلاح بوجه الاحتلال وحسب، وإنما المفكرين والعلماء أيضاً، وهذا يعني أن مستقبل الأمة مهدد في عقول أبنائها، ولن تقوم لها قائمة إذا لم تستسلم وتكتفِ بكونها أمة مستهلكة غير خلاّقة ولا منتجة، وحتى لو استسلمت عسكرياً فسيكون من المحظور عليها أن تتقدم تكنولوجياً وعلمياً ولو خطوة واحدة، لأن التهديد الحقيقي لوجود إسرائيل سيكون على أيدي علمائنا الذين هم الآن في عمر الطفولة، وعليهم سيكون الرهان في المستقبل. فماذا بأيدينا لنحميهم ونحافظ على عقولهم وعلى خرائطهم الجينية من الآن وإلى أن يكبروا ويعوّضوا هذه الأمة عن هزائمها علماً ومعرفة وقوةً!؟
السلاح الجيني هو القاتل المتقدم على السلاح النووي، لأنه قادر على استهداف قائد أو عالم أو حتى عائلة من بين مجموعات عرقية مختلفة، على عكس السلاح النووي الذي يقتل الجميع ويدمر كل شيء، ولأن إسرائيل مهما تعرضت لحروب سيكون من الصعب عليها استخدام السلاح النووي الذي تملكه، وذلك لتداخل شعبها مع الشعب العربي (المعادي)، الأمر الذي سيؤدي إلى قتل العرب واليهود معاً أو الأعداء والأصدقاء من العرب، فإن السلاح الجيني سيكون مخصصاً لقتل العرب من غير الأصدقاء، وبالأخص المقاومين والعلماء والقادة وربما الزعماء الوطنيين المخلصين لبلدانهم وشعوبهم.
ليس كل ما يقال صحيحاً، ولست أتحمس لتصديق ما قرأت وسمعت عن هذا السلاح، لكنني أمام كل هذه النجاحات التي حققتها إسرائيل في اغتيالاتها أقف حائراً، ولا أستطيع تجاوز الخبر المفجع من أن القصة من أساسها صحيحة، وتنقصها تفاصيل مخيفة أخرى لا نعرفها، لأنها من أسرار إسرائيل التي استطاعت أن تصطاد كل من رغبت بقتله. فمن المعروف مثلاً أن حسن نصرالله كان من أكثر القادة في العالم تكتماً على تحركاته، ولديه دائرة ضيقة جداً من المقربين الذين يعرفون أسرار حياته، وكذلك الحال بالنسبة لإسماعيل هنية الذي اغتيل في غرفة من شقة في عمارة في مدينة تبعد عن إسرائيل حوالي ألفي كيلومتر، والأمر كذلك بالنسبة لبقية القادة العسكريين والسياسيين الذين تم قتلهم باغتيالات نظيفة وفق المفاهيم الاستخبارية، وكذلك الحال بالنسبة للعلماء الإيرانيين.
ثم لنعِد فتح ملف اغتيالات «البيجر» في لبنان، فهل حقيقة تم تلغيم الأجهزة لتقتل حامليها، أم أن ما حدث شيء آخر قتل حاملي «البيجرات» أو جعلهم عاجزين عن مواصلة العمل العسكري، الأمر الذي أضعف حزب الله وقضى على قياداته العسكرية ليخرج من دائرة الصراع..!؟
الأمة في سبات عميق عن هذه الأمور، وتكتفي في الوقت الراهن بتطوير برامج الألعاب الإلكترونية وتطبيقات الشراء وحجوزات الفنادق وطلبات الطعام، بينما خصومها الأبديون يبتكرون أدوات ووسائل شيطانية لقتل العرب، وينشغلون بكل ما هو عسكري وأمني يؤدي إلى النتيجة المطلوبة في كل الأحوال، وهي قتل العرب أو إذلالهم والسيطرة على دولهم وإخضاعهم لأمثال سموتريتش وبن غفير.
"الدستور"