لماذا اختار ولي العهد هذا التوقيت لتفعيل خدمة العلم؟
عبد الرحمن خلدون الشديفات
18-08-2025 10:52 AM
لم يكن إعلان سمو ولي العهد، أمير الشباب، عن تفعيل خدمة العلم مجرد قرار إداري تقليدي، بل جاء محملاً برسائل سياسية واجتماعية عميقة. حين أكد سموه أن الهدف الأساسي للقرار هو “تفعيل هويتنا الوطنية”، فإنه وضع يده على جوهر التحدي الذي يواجه الدولة الأردنية في هذه المرحلة: خطر “الاغتراب الوطني”.
هذا المصطلح لا يُقصد به فقط الغربة الجغرافية، بل الغربة الفكرية والشعورية عن الوطن ومؤسساته ورموزه. وهو ما يعكس وفق قراءة سياسية و إدراكاً رسمياً بأن بعض فئات الشباب تعيش فجوة مع الدولة نتيجة تراكمات اقتصادية واجتماعية وثقافية، ما يستدعي أدوات جديدة لإعادة بناء الثقة والانتماء.
من هنا، يبدو أن القرار لا ينحصر في إعادة إنتاج تجربة سابقة لخدمة العلم، بل يتجاوزها ليكون مشروعاً وطنياً متكاملاً، يعيد تشكيل العلاقة بين المواطن والدولة. فالمطلوب ليس فقط تدريب الشباب على الانضباط وحمل السلاح، بل تدريبهم على حمل الهوية الوطنية كجزء من وعي يومي، وهو ما يُترجم عملياً في مواجهة كل مظاهر التراجع في الثقافة الوطنية.
سياسياً، يمكن قراءة هذه الخطوة باعتبارها رداً استباقياً على تحولات إقليمية ودولية ضاغطة، حيث تحتاج الدولة الأردنية إلى جبهة داخلية صلبة، قوامها شباب مؤمن ببلده ومؤسساته. أما اجتماعياً، فهي محاولة لإعادة صياغة العقد الاجتماعي بين الدولة والأجيال الصاعدة، بما يعزز حضور القيم الوطنية على حساب الفردانية المفرطة أو العزلة الاجتماعية.
وبينما يترقب الشارع الأردني تفاصيل برنامج خدمة العلم الجديد، يبقى الثابت أن ما أعلنه سمو ولي العهد ليس مجرد قرار آنٍ، بل رؤية استراتيجية للمستقبل. رؤية تعتبر الهوية الوطنية خط الدفاع الأول، وتجعل من خدمة العلم أداة لتثبيت الموروث الوطني ومواجهة أي مظاهر اغتراب قد تُضعف تماسك المجتمع الأردني.