تشهد رياضة المصارعة في الأردن خلال السنوات الأخيرة نهضة واضحة جعلتها في واجهة المشهد الرياضي الوطني والإقليمي، فقد نجحت المملكة في استضافة بطولات عربية وآسيوية وعالمية، وبرزت أسماء أردنية قادرة على المنافسة وتحقيق النتائج، فيما تمكن الاتحاد الأردني للمصارعة بقيادة المهندس محمد العواملة من بناء صورة جديدة للعبة وتعزيز حضورها على المستويين الإداري والتنظيمي حتى وصل إلى رئاسة مجلس آسيا في اتحاد المصارعة العالمي، وهو ما يبرهن على حجم الثقة بالأردن ودوره في تطوير هذه الرياضة.

الإنجازات لم تقتصر على فئة معينة، فالمصارعة اليوم تشمل الذكور والإناث على حد سواء. عمّان استضافت أول بطولة عربية لمصارعة السيدات، كما شارك المصارعون الأردنيون في بطولات قارية كبرى، وفي كلا الحالتين كان الحضور الأردني مشرّفًا ومؤثرًا. لكن على الرغم من هذه التطورات، ما زالت الجامعات الأردنية بعيدة عن مواكبة هذا الزخم، إذ لا تمنح مساحة حقيقية للاعتراف بالتفوق الرياضي سواء للذكور أو للإناث، فلا يوجد إطار أكاديمي واضح يسمح للاعب أو اللاعبة بأن يجمع بين الدراسة الجامعية والتطور الرياضي في مسار واحد متكامل.

المصارعون والمصارعات يضطرون إلى البحث عن مسارات بديلة خارج أسوار الجامعات عبر الأندية المحلية أو معسكرات الاتحاد أو المنح الخارجية، ما يجعل الجامعة محطة دراسية فقط وليست بيئة شاملة للتفوق. هذا الغياب لا يتعلق بمجرد فرق رسمية أو بطولات داخلية، بل يتصل بغياب بنية مؤسسية تعترف بالرياضة كرافعة ثقافية وتعليمية، بدءًا من منح رياضية مخصصة، مرورًا بقاعات تدريب مهيأة ومدربين متخصصين، وصولًا إلى دوريات جامعية تتيح منافسة عادلة تصنع جيلاً جديدًا من الأبطال.

إن الاعتراف الجامعي بالمصارعة كرياضة للذكور والإناث ليس رفاهية، بل ضرورة لضمان استمرارية المواهب وتوفير قاعدة عريضة يمكن أن تمد المنتخب الوطني بلاعبين ولاعبات مدرَّبين ومؤهلين، كما أنه يعزز صورة الجامعة نفسها باعتبارها فضاءً متكاملًا للتعليم والتربية الجسدية والثقافية. فالأردن اليوم يقف أمام فرصة ذهبية بفضل نشاط الاتحاد وتنامي الحضور الدولي للعبة، وكل ما ينقص هو قرار أكاديمي حقيقي يمنح المصارعة مكانتها داخل الجامعات، عندها فقط ستتحول الاستضافات الدولية والإنجازات الفردية إلى منظومة تفوق وطنية متكاملة تضع الطالب واللاعب في موقع الشريك الفعلي في صناعة المستقبل.