من الذاكرة العسكرية في زمن خدمة العلم
د.محمد البدور
20-08-2025 12:49 PM
كان جلالة القائد الاعلى للقوات المسلحة الاردنية المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه وكان القائد العام للقوات المسلحة ورئيس هيئة الاركان المرحوم المشير فتحي ابو طالب رحمه الله
سلام على الجيش وسلام على العلم والف تحية وسلام على الوطن وقائد مسيرة الوطن
قريبا ستفتح ميادين البطولة والرجولة لشباب الوطن فأستعدوا ايها النشامى الغيارى الوطن يناديكم
بتاريخ ٣٠/ ١٢/ ١٩٨٩ كنت وزملائي على موعد في ميادين التدريب في مدرسة المستجدين العسكرية مركز ٩١ في خو الكتيبة ٣ السرية٣ دفعة ٤٧ مكلفين - مكلف رقم ٨٧٢٨٢٢ محمد محمود احمد / جامعي بدون ذكر اسم العائلة او العشيرة وهذا ماكان متعارف عليه في الجيش انذاك واعتقد لازال ينادى على العسكري بدون ذكر العشيرة حرصا على عدم المحاباة وتحقيق المساواة فالكل اسمه عسكري بالجيش العربي في خو كان قائد الفصيل الملازم اول مدفعية خليفه حسن عقله من بيت يافا واسأل الله ان يكون بخير وصحة عافية كان انسان جميل الوجه واللسان وكان قائد السرية النقيب حسين سمرين وقائد الكتيبة المقدم محمود طلافحة وآمر المدرسة العميد عبد العزيز العدوان ومديرا القلم في قيادة المدرسة النقيب تيسير البدور والنقيب حكمت ابو دلو حفظهم الله جميعا وطيب ثرى من ارتحل منهم عن هذه الحياة
كانت الثكنة تتسع ٢٠ جنديا وكانت امتعة الجندي منا تسمى "اليطق" وهو عبارة عن بدلات الفوتيك عدد ٢ وبدلة التكميل للذهاب والاياب من الاجازة والبسطار والخوذة الفولاذية والحربة ومطرة الماء والسيور ( جناد كتان نلبسه وقت المسير مشيا على الاقدام وهو من مستلزمات العسكري وقت الحرب يعلق فيه حقيبة الاسعاف والجعب التي تحمل مخازن ذخيرة البندقيه (م ١٦ ) امريكية الصنع واقي حرارة السبطانه مخرم دائري او هرمي ١٠١ او ١٠٢ كنا نصحو الساعة الرابعة فجرا على صوت عريف الخفر يطرق باب الثكنة بسوط في يده وينادي إصحى ياعسكري ، إنهض ، قولوا لا اله الا الله وبعدها نتوجه للرياضة الصباحية وكان الوقت لايزال ظلاما في شهر ١ والطقس بردا قارصا في صحراء خو حتى لم يكن بوسعنا تميز بعضنا في الميدان وكنا نشاهد فصائلنا كمجاميع بشرية تركض وتهزج باعلى صوت ( الله الوطن الملك ) دعوة الحق لدينا نفحة هبت علينا ارسل الله الينا سيد الكون محمد )
وبعد الرياضة نعود للثكنات لحلاقة الذقن بماء بارد جدا حيث لايوجد ماء ساخن وعند الساعة السابعة صباحا يصطف فصيلنا المكون على ما اذكر من ٣٠ جنديا او اقل بقليل ونذهب للميس للافطار والاصطفاف بخط حرب كما يسمونه والمرور فردا فردا الى الطاقه ( الشباك) نعطي الصحن للطاهي فيضع فيه بيضة وخمس حبات زيتون وقطعة جبن واحيانا تطلي ( مربى) وزبده ثم نأخذ اكوابنا لتعبئة الشاي من طنجرة المنيوم كبيرة يغرف منها الطاهي بشربة كبيرة ويصب في اكوابنا وذات مرة لم يكن معي الكوب فاستعضت عنه بعلبة حليب مركز او فول معدنية وسكب لي فيها الشاي وكثيرا ماكانت تحصل مع بعضنا وبعد الافطار الذهاب للميدان مسير طابور من خمسة صفوف والمدرب ينادي باعلى صوت يسار يمين يسار يمين ارفع راسك عرش فوق الى ان نصل الميدان وهناك تجتمع كافة الفصائل والمدربين وقادة الفصائل والسرايا وكنا في حالة تدريب مستمر مابين مشاه اسلحة ورماية وفك وتركيب البندقية وإستخدام القاذف والقنابل اليدوية ومحاضرات دينية الى ان تصبح الساعة الواحدة ونعود للثكنات ليحضر كل واحد صحنه والذهاب للغداء وعند الساعة الثانية ينهي الجميع تناول الغداء الذي غالبا ماكان صلصة بندورة ورز ولحمة ويوم الثلاثاء منسف دجاج
وبعد العودة للثكنات إستراحة بسيطة ونعود لطابور الرياضة عند الساعة ٣ تمارين رياضية ولياقة بدنية وركض وهكذا ولغاية الساعة ٤ وعند الساعة ٥ العشاء ثم السهر لغاية التاسعة وتطفأ الانارة والجميع ينام كنا نتحدث الى بعضنا نحن الجنود كل واحد يسرد حكاياته إما في الجامعة او المدرسة او بلدته ومكان سكنه فكل واحد منا إما من قرية او مخيم او بادية او مدينة لكننا كلنا اسرة واخوان اذا اشتكى احد منا تداعينا اليه كالجسد الواحد خاصة مع ظروف البرد انذاك قحة ولفحة ورشح والخ
كان رباط البسطار يحزز في ساق كل جندي منا في البداية حتى إعتدنا على رباطه المشدود وكانت وجوه بعضنا تمتلئ بالحب من المياه الباردة اثناء الحلاقة او ان بعضنا لم يعتاد على حلاقة ذقنه يوميا
ذهبنا الى ميدان الرماية فجرا بتركات عسكريه كان إسمها الكونتنتال ومعنا إفطارنا وجلسنا في الميدان ينتظر كل واحد منا دوره للرماية بالذخيرة الحية ببندقية م١٦
رماية اولى ١٠ طلقات هدف ١٠٠ متر وفي المرحلة الثانية ١٥ طلقة على هدف ٢٥٠ م وكان ينادي ضابط الميدان الذي يراقبنا ونحن في جورة الرمايه سدد ياعسكري على الهدف وكان امام كل واحد منا كيسا من الرمل يضع البندقية عليه اثناء التسديد بعد سماع امر الرماية بالسماعة التي كانت بيد ضابط الرماية ١ ، ٢ . ارمي ٠
في ١٥ / ٣ تخرجنا من التدريب وقبل ذلك تكلفت بكتابة كلمة للعميد عبد العزيز العدوان آمر مركز ٩١ وكلمة الخريجين وكان قد رشحني لذلك النقيب تيسير البدور والنقيب حكمت ابو دلو حفظهما الله
في ذكرياتي ليوم التخريج توزع الجميع على مختلف صنوف الاسلحة ومديريات الجيش وميادينه وعلى كافة المواقع العسكرية من الاغوار الى الحدود الشرقية والجنوبية والشمالية والغربية والى غير ذلك
ودعنا بعضنا والدموع تذرف من اعيننا جميعا خاصة لم يكن وقتها لاتلفونات خلوية ولا حتى ارضية عند اكثرنا وانا اولهم لاتلفون ولا وسيلة إطمئنان عن بعضنا ولكن بقي في جيبونا دفاتر صغيرة كتبنا فيها لبعضنا سلام الوداع ففي دفتري كتب امجد علاونه وابراهيم النسور ورائد الخرابشه ورائد الحياري والمدرب فراس شديفات وكان يلقب ( فدعوس ) كان مدربا اسدا في الميدان وزملاء آخرين لم اراهم منذ ذلك الوقت ٠
من ذاكرتي ضباط في سلاح اللاسلكي الملكي مجموعة اتصالات القيادة العامة الكتيبة السابعة نؤدي لهم التحية ولهم منا السلام النقيب انذاك خلدون عبد الواجد علي المعايطه والنقيب عيد العبادي والمقدم غسان فؤاد نقولا والمقدم محمد علي ابو رمان والامام الشيخ الملازم اول احمد الربابعة والملازم صدقي نايف ابو ريشة والملازم اول عماد شامخ الغزاوي انذاك وجميعهم تدرجوا الى رتب اعلى فيما بعد وكنا قد غادرنا وتم تسريحنا من الجيش ومن زملائي حسن خليل القواسمة وجبر من منطقة الواله وفايق الخرابشه رحمه الله وحمزه المومني ومحمد فهد الشوابكه وعاطف العجارمه والمرحوم محمد علي الزعبي" ابو إياد" واياد بني عيسى ومحمد المومني ونعيم نهار والزميل يوسف محمد ( ابو محمد )
في الجيش ذكريات جميلة لاتنسى ليتها تعود وفي الجيش وجها جميلا آخر من محطات الحياة