يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله
د. حمزة الشيخ حسين
26-08-2025 10:21 AM
في مشهدٍ يختصر التناقض الإنساني، نجد من يرتجف خوفًا أن تنكشف حقيقته أمام الناس، بينما قلبه غافلٌ عن عين الله التي لا تغفل. يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله… آية قرآنية تحمل رسالة عميقة: أن الخوف من انكشاف العيب أمام البشر لا قيمة له إذا كان المرء يستهين بعلم الله وإحاطته.
كم من شخصٍ يسعى وراء المال الحرام، يرتجف أن يراه الناس أو يعرفوا خيانته، لكنه لا يرف له جفن وهو يعلم أن الله مطّلع عليه! هذا ليس مجرد ضعف إيمان، بل هو تواطؤ مع الشر، وهو اعتراف ضمني بالذنب لكن مع إنكار للعدل الإلهي.
إن من يزرع الشر لابد أن يحصد الشر، ومن يغرس الفساد لن يجني إلا الهلاك، ولو بعد حين. والقاعدة الإلهية واضحة: الجزاء من جنس العمل. فلا تنخدع بسطوةٍ أو منصبٍ أو نفوذٍ يبرر لك باطلك، فالله لا يترك الظالم وإن أمهله.
وهنا يتجلى المشهد الأخطر حين يكون الفاعل مسؤولًا؛ يعمل الشر سرًّا أمام الله، لكنه يخشاه علنًا أمام من هو أعلى منه في السلم الإداري، كي لا يطرده أو يتهمه بالخيانة! أي نفاقٍ هذا؟ يخاف من بشرٍ مثله، وينسى خالق البشر الذي بيده ملكوت كل شيء.
إن الرسالة الأبلغ لكل مسؤول، ولكل إنسان، أن يراجع ضميره: هل خشيتك من الله أعظم من خشيتك من الناس؟ فالتاريخ لا يرحم، والضمير لا ينام، والله لا يغفل عمّا يعمل الظالمون..