facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هزاع المجالي .. شهيد الدولة وهيبتها


أ.د. خلف الطاهات
27-08-2025 11:47 AM

في زحمة العبث الذي نعيشه اليوم، ومع هذا السقوط المتكرر لبعض من ظنناهم رجالات دولة، الذين ارتضوا أن يحوّلوا رصيدهم السياسي إلى حلقات بودكاستية لا تليق بثقل الدولة ولا بأسرار مؤسساتها، نستحضر اليوم، وبألمٍ ممزوج بالفخر، ذكرى استشهاد رجل دولة حقيقي، حمل الوطن في قلبه، ومشى في دروبه بشهامة الأردني الأصيل: دولة الشهيد هزاع المجالي، في الذكرى الخامسة والستين لاستشهاده التي تصادف هذه الجمعة المقبلة.

كان هزاع رحمه الله رجلا صاملا في مرحلة مفصلية من عمر الدولة الأردنية، لا يرجف، لا يوارب، ولا يؤجل قول الحق، والاهم انه كان من طينتها الصلبة، ومن رجال التأسيس الذين فهموا معنى الانتماء والتضحية، والذين لا يُبدّلون الولاء بالمصلحة، ولا يساومون على الثوابت، مهما اشتدّت الرياح. كان مؤمنا بأن السياسة لا تنفصل عن الأخلاق، وأن هيبة الدولة لا تصنعها الكلمات، بل يصنعها صدق الموقف، ونظافة اليد، وعلو الهمة.

هزاع المجالي، شهيد الاستقامة، لم يعرف للباب حارسا، ولا للناس حاجزا. في مكتبه، وفي بيته، وفي مساحاته اليومية، ظل كما هو إبناً للناس، وقريبا من وجعهم، حاملا همّ الوطن لا همّ الكرسي. لذلك، لم يكن يوم الاثنين الذي خصصه لاستقبال المواطنين مجرد تقليد إداري، بل كان يوما أردنيا خالصا، تنفتح فيه أبواب الدولة على قلوب ناسها، بلا بروتوكولات ولا تصنّع.

وفي ذاك اليوم، يوم الاثنين، تسللت يد الغدر والحقد، ظنّت أنها باغتياله ستغتال الفكرة، وستطفئ الحلم، وستكسر هيبة الدولة. لكنهم لم يعلموا أن استشهاد هزاع، كما من بعده وصفي، لم يكن نهاية، بل بداية جديدة لوعيٍ وطني أعمق، ولمعنى التضحية الذي تحوّل إلى وجدان شعبي، يحمي الوطن حين تتعثر حسابات السياسة.

واليوم، ونحن نرى بعض من تسلّموا مواقع المسؤولية سابقا، ينكصون على أعقابهم، ويخلعون عن أنفسهم ثوب المسؤول، ويتطوعون في خرق أسرار الدولة عبر منصات الاستعراض والكلام المجاني، نعي تماما كم نحن بحاجة إلى أن نستحضر هزاع المجالي، لا كشخص، بل كنهج، وكقيمة، وكمعنى أصيل للرجولة السياسية.

ما بين زمن الهدم المجاني لما تبنيه الدولة، وزمن التأسيس الصعب الذي عاشه دولة الشهيد هزاع، نقف نحن اليوم أمام مسؤولية كبرى تجاه هذا الجيل. جيل لم يعش هزاع، ولم يرَ وصفي، لكنه بأمس الحاجة ليعرفهم. لفهم كيف يكون رجل الدولة حقا، وكيف تكون الوطنية موقفاً، لا شعاراً.

إن ذكرى استشهاد هزاع المجالي، ومن بعده وصفي التل يجب أن تتحوّل إلى مناهج وذاكرة حية تُروى لأبنائنا، وتُدرّس في مدارسنا، وتُستعاد في خطابنا العام، لأن في سيرتهم كثيرا من الشرف، وكثيرا من العبر، وكثيرا مما نفتقده اليوم. رحم الله هزاع، شهيد الدولة، وشهيد الكرامة. ورحم الله وصفي، شهيد المبادئ. وعلّنا نفيهم بعض الوفاء، إن حافظنا على الطريق الذي رسموه لنا بدمهم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :