صمت الداخل وصوت الخارج .. معادلة غائبة
د. حمزة الشيخ حسين
28-08-2025 02:44 PM
في المشهد السياسي الأردني، يظل الخطاب الداخلي حاضرًا بقوة، بينما يغيب الصوت الموجه إلى الخارج في اللحظات المفصلية. نسمع العبارات الصاخبة التي تبدأ بـ”الأردن خط أحمرررر”، فتلهب المشاعر، لكنها سرعان ما تنحصر في القاعات المغلقة وداخل الحدود، وكأنها رسائل إلى الأردنيين فقط.
لكن المواطن البسيط، الذي يدرك معنى الانتماء الحقيقي، لا يحتاج لمن يذكّره بوطنيته، ولا لمن يزاود عليه فيها. الأردنيون جميعًا قدّموا، وما زالوا يقدمون، من التضحيات ما يكفي لإثبات أن الأردن عندهم ليس خطًا أحمر فحسب، بل حياة كاملة.
التساؤل البديهي هنا: لماذا لا تُرفع الأصابع والرسائل الصارخة أمام الخارج كما تُرفع أمام الداخل؟ لماذا يغيب الصوت الأردني الواثق في مواجهة تصريحات نتنياهو، وكل من يتعرض للأمن القومي الأردني، بينما يُكتفى بخطابات انفعالية موجّهة إلى الشعب؟
الأردني اليوم يريد أن يسمع “الأردن خط أحمر” تُقال في وجه المحتل، أن يرى الإشارات والإصبعين يرتفعان أمام من يهدد الأرض والسيادة، لا أن تكون الحركة المسرحية موجهة إلى الداخل فقط. حينها سيصدق الخطاب، وسيؤمن الناس أن هناك جدية حقيقية في حماية الدولة وهيبتها.
أما الاكتفاء بالصمت أمام الخارج، والتلويح بالصوت المرتفع في الداخل، فهو معادلة تضعف الصورة الذهنية للصف الأول في الدولة. فالشعوب تقيس مصداقية القادة لا بما يقولونه لها، بل بما يفعلونه أمام الخصوم.
إن بناء مكانة راسخة للصف الأول في وعي الأردنيين يحتاج إلى خطاب مزدوج: قوة في الداخل لشد اللحمة الوطنية، وحزم في الخارج لردع كل من يتعرض للأمن القومي الأردني. وما لم يتحقق هذا التوازن، ستبقى الفجوة تتسع بين الناس وخطاب السلطة.
وفي النهاية، يردد الشارع سؤالاً بسيطًا: متى يكون الصوت الأردني مرتفعًا حيث يجب أن يكون؟