أزمة السويداء والعدالة الانتقالية
أ.د.محمد المصالحة
29-08-2025 12:44 PM
نتابع أردنيًا وعربيًا بقلق وألم استمرار أزمة السويداء وتداعياتها على وحدة الدولة السورية وطنًا وشعبًا.. وتتزايد خطورة استمرارها على دول الجوار، حيث يعيش الإخوة الدروز في لبنان والأردن وفلسطين منذ أن كانت المنطقة تُسمّى بسوريا الكبرى في العهد العثماني، إلى أن جاء الانتدابان الفرنسي والبريطاني، وقُسّمت المنطقة إلى ما نحن عليه اليوم وفقًا لاتفاق سايكس بيكو المشؤوم ووعد بلفور، وتوزّع الدروز وعاشوا بأمان وسلام في الدول أو الأقاليم الثلاثة.
ومع تغيّر نظام الحكم في سوريا في ديسمبر ٢٠٢٤، أخذت بعض دول الإقليم تُناهض الوضع الجديد في سوريا، وتستغل هشاشته للاستقواء والتنمّر عليه، واستغلال أزمة السويداء المتمثّلة في النزاعات (المصطنعة والمُغذّاة خارجيًا) في السويداء لتحقيق مكاسب سياسية أو إقليمية، خاصة إسرائيل، التي لم تكتفِ باحتلالها مناطق سورية في الجولان والجنوب السوري، وإنما أخذت تُغذّي الأزمة لتعميق الشرخ الاجتماعي، وبحجة حماية الدروز من خلال وجود عناصر درزية استجابت لدعوات تل أبيب لحماية دروز سوريا، ومحاولتها إرسال مواد إغاثة إنسانية لهم، وتشجيعهم على الانفصال والمطالبة بكيانية خاصة بهم.
ولا يخفى أن هذا السعي يأتي لتنفيذ مخطّط قديم لتقسيم سوريا، واليوم يتحدثون صراحة عن مشروع في مخيّلتهم وأحلامهم، هو ما يُسمّى بإسرائيل من النيل إلى الفرات. وعلى أية حال، لا يجب أن نُغمض العيون عن وجود مطالب مشروعة للدروز السوريين، تقتضي العدالة الانتقالية التي تُطبّق عادة بعد انتهاء النظام السلطوي، يجب تلبيتها من قبل الحكومة المركزية في دمشق، كمشاركتهم في السلطة ومؤسسات الدولة، وعدالة توزيع الموارد الوطنية على الجميع.
واتخاذ إجراءات بحق أية جهات ارتكبت مظالم أو اعتداءات لحقت بهم أو بغيرهم من العشائر، عبر تشكيل لجان تقصّي الحقائق، ومحاسبة أي مسؤول أو فرد أو جماعة من الطرفين أو من رجال السلطة ارتكبت أي من هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان...
لأن العدل حين يأخذ مجراه سوف يُريح النفوس ويُطمئن الجميع إلى أن مسار العدالة يشمل الجميع.
نحن في الأردن، وفي لبنان الشقيق، تم تقديم نماذج حيّة ومشرّفة للتعايش بين المكوّنات المجتمعية، أفشلت أي مخططات خارجية للنيل من الوحدة الوطنية للبلدين.