حرص معهد الإدارة العامة ومنذ نشأته وعبر مسيرته الطويلة، على تعزيز مكانته كبيت خبرة ومعرفة حكومي داعم لمسيرة التنمية والتطوير بالاطلاع على أفضل الممارسات العالمية والاستفادة منها، وتكيفها وتطويعها بما يتناسب مع الاحتياجات الرامية الى تمكين الكوادر البشرية في القطاع العام ، لمواكبة التغيرات الراهنة والتحولات المستقبلية المتسارعة. وبشكل يحقق الكفاءة والفعالية في العمل والاداء الأمر الذي يسهم وينعكس إيجابا على تقديم خدمات نوعية للمواطنين.

وضمن هذا السياق أحتفل المعهد بإعلان إنطلاقة جديدة ونوعية في التحول نحو التأهيل النوعي للقيادات الإدارية الوسطى في القطاع العام لتكون قادرة على صياغة السياسات العامة وتنفيذها وتقييمها، من خلال الدبلوم الاحترافي في السياسات والإدارة العامة الذي أطلقه المعهد بالتعاون مع الجامعة الألمانية الأردنية؛ وبدعم من الوكالة الإيطالية للتعاون الإنمائي والمنظمة الأوروبية للقانون العام.

يُعد إطلاق المعهد لهذا الدبلوم خطوة استراتيجية محورية نحو تنفيذ خارطة تحديث القطاع االعام، كونه يجمع بين بناء القدرات البشرية وتعزيز كفاءة المؤسسات الحكومية وإحداث نقلة نوعية في صناعة القرار والسياسات العامة. على المستوى الفردي والمؤسسي والوطني والإستراتيجي.

فعلى المستوى الفردي، يسهم البرنامج في تمكين الكوادر الحكومية من امتلاك أدوات تحليل السياسات وفهم آليات الإدارة الحديثة، بما يرفع من قدراتهم على صياغة وتنفيذ ومتابعة البرامج الحكومية بكفاءة وفعالية. كما يعزز هذا الدبلوم التفكير النقدي وصناعة القرار المبني على الأدلة، وهو ما ينعكس مباشرة على جودة الخدمة المقدمة للمواطن.

وعلى المستوى المؤسسي، يوفّر البرنامج قاعدة متخصصة من الموظفين القادرين على قيادة عمليات التطوير داخل مؤسساتهم، من خلال تبني أفضل الممارسات الإدارية، وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة، والتخطيط الإستراتيجي، مما يسهم في رفع الأداء المؤسسي وتحفيز ثقافة الابتكار داخل الجهاز الحكومي.

أما على المستوى الوطني، فإن البرنامج يشكل رافعة أساسية لبرامج التحديث الإداري والتحول الرقمي، عبر إعداد قيادات إدارية وسطى مؤهلة قادرة على التكيف مع المتغيرات الإقليمية والدولية وصياغة سياسات عامة أكثر استجابة لاحتياجات المجتمع. وهو ما يعزز كفاءة الإنفاق الحكومي ويرفع من مستوى ثقة المواطنين بالخدمات التي تقدمها الدولة.

وفي البعد الاستراتيجي طويل المدى، يمثل الدبلوم الاحترافي استثمارًا في رأس المال البشري الحكومي، يضمن استدامة عملية التحديث عبر تخريج أجيال من القيادات التنفيذية القادرة على التعامل مع تحديات المستقبل، وصياغة سياسات تتماشى مع الرؤى الوطنية والتوجهات العالمية. وبهذا، يصبح البرنامج أداة استراتيجية ليس فقط لتطوير الكفاءات، بل لإعادة صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع على أسس من الكفاءة، الشفافية، والمساءلة.

ويتميّز الدبلوم بتصميمه وتعدد مراحله ، فهو برنامج تدريبي تنفيذي مدته (500) ساعة تدريبية، تم اختيار 50 مشاركا ومشاركة،تم إختيارهم وفق معايير شفافه؛ من 29 جهة ، وبنسبة 42 % ذكور و58 % اناث؛ ولا يقتصر على الجانب النظري فحسب، بل يولي اهتماماً كبيراً بالجانب التطبيقي عبر التدريب على رأس العمل ، وإعداد مشاريع عملية؛ بالإضافة الى تهيئة المشاركين للعودة إلى العمل وتصمم هذه المرحلة لكل مشارك على حده بناء على نتائجه في المراحل السابقة واحتياجه الفعلي لتطويرمهارته وكل هذه المراحل تكون باشراف موجهين ومشرفين مختصين لضمان تحقيق الفهم السليم وترسيخه لدى المشاركين وتمكينهم من ترجمة المعرفة والمهارات المكتسبة على ارض الواقع.

وحرصا من إدارة المعهد على نجاح البرنامج ولضمان الالتزام ، سيتم توقيع المشاركين على وثيقة التزام بحضور جميع مراحله، كما سيتم ضمّهم إلى مجموعة تواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لتكون بمثابة مجتمع ممارسات تتيح لهم تبادل الخبرات والاستفسارات وإثراء النقاشات، سواء خلال البرنامج او بعد عودتهم الى دوائرهم.

ومن المزايا التي يوفرها المعهد أنه سيتم منح المشارك الذي يجتاز متطلبات النجاح شهادة صادرة بشكل مشترك من المعهد و الجامعة الألمانية الأردنية ومعتمدة من وزارة التعليم العالي، والمهم في إطلاق هذا الدبلوم الإحترافي أيضا؛ أن إدارة المعهد تسعى على ان تشمل تعليمات إدارة قيادات المستقبل الخريجين وحسب تحقيقهم للشروط؛ وهذا يعني أن هذا الدبلوم أداة عملية، لتطوير الكفايات القيادية التي تترجم إلى أداء مؤسسي متميز، وأن يخرّج المعهد من خلاله نماذج من "القائد الذي نريد"؛ الذي يمتلك الرؤية، والقدرة على التغيير، والالتزام بخدمة المصلحة العامة. وياتي هذا منسجما مع توجيهات دولة الرئيس المتمثلة بانه لا بد من تفعيل القيادات الوسطى لانهم هم الذين سيمضون قدما في تنفيذ برامج التحديث وانهم هم المستقبل الذي نعول عليه.

نبارك لمعهدنا العريق هذا الإنجاز النوعي وكل الشكر للدعم الحكومي المستدام ممثلا بتوجيهات دولة رئيس الوزراء ورعاية وتمكين من معالي وزير الدولة لتطوير القطاع العام وتنفيذ عطوفة مدير عام المعهد وخبراء وكوادر المعهد المتميزين.

* أمين عام وزارة تطوير القطاع العام ومدير عام معهد الإدارة العامة سابقا