المحاضرة التي ألقاها نائب رئيس الوزراء الأسبق والعين الدكتور رجائي المعشر أمس في منتدى الحموري الثقافي، حملت في طياتها إجابات واضحة على الكثير من الأسئلة التي أبرزها فيما له علاقة بالصفات والمكوّنات التي يجب أن تتوفر في رجل الدولة ليستحق مثل هذا اللقب، ولعلّ الأهمية المضاعفة تقديرَا يتمثل في التوقيت الهام في دعوة المنتدى للمعشر لتسليط الضوء على موضوع هام كثر الحديث حوله في الآونة الأخيرة لا سيما عبر تصريحات صار يُدلي بها البعض من المسؤولين في حوارات وبرامج مختلفة مما أثار حفيظة الناس وزاد من أسئلتهم واستفساراتهم التي وجد المتابعون لها مبررات مقنعة الأمر الذي يجب التنبّه إليه لأن رجل الدولة هو رجل دولة اكتسب صفة الرجل العام سواء وهو في منصبه أو عقب تقاعده أو مغادرته للموقع.

تقع على رجل الدولة مسؤولية كبيرة في تعزيز منظومة الثقة بين المواطن والدولة ويأتي ذلك عبر مقدرته على إقناع الناس بدور ورسالة الدولة الأردنية وكيف استطاعت بحنكة قيادتها الهاشمية وصبر وانتماء المواطن من التصدي للتحديات التي واجهت مسيرة البناء والتنمية في مراحل مهمة من تاريخ المملكة، وكل ذلك على قاعدة أن رجل الدولة مطلع أكثر من غيره وقريب من مراكز صنع القرار وبالتالي فإن مقدرته على قبول المواطن لما يتكلم به تصبح ذات حيّز أكبر، وجميع ما ذُكر لن يحظى به رجل الدولة ما لم يكن يحمل صفات المصداقية والالتزام والموضوعية فضلًا عن صورته التي يجب ان تكون ناصعة في ذهن وضمير المواطن الأردني.

اختيار الدكتور رجائي المعشر لإلقاء محاضرة في توقت بالغ الدقة والحديث حول ملف هام جدًا، لم يكن اختيارًا لاسم فقط بقدر ما كان ينمُّ عن ثقة وسمعة ومكانة سامقة حاز أبو صالح الذي يتمتع بسيرة ومسيرة غنية بالتجارب السياسية والاقتصادية والحضور الاجتماعي بين مختلف الأوساط، فضلًا عن منظومة وثيقة يتحلى بها الرجل وتربطه بعلاقات متينة مع جميع ألوان الطيف الأردني من مسلمين ومسيحيين وإعلاميين واقتصاديين وساسة وسواهم، وبالتالي فإن ما يطرحه من آراء وأفكار وما يعبر عنه من رؤى تجد احترامًا وتقديرًا وقبولًا بل ويؤخذ بها على محمل الجد، والدكتور رجائي لم يتردد في يوم ما أن يكون جنديًا أردنيًّا واجتهد فيما يراه ورآه صوابًا وهو في هذا الخِضمّ استطاع الحفاظ على مُثله وقيمه ومبادئه وقناعاته التي ظل متمسكًا بها منذ دخل معترك الحياة السياسية والعامة إلى يومنا هذا.

رسائل هامة تضمنتها محاضرة الدكتور رجائي المعشر ولا بد من التقاط إشاراتها والعمل بها والتنبّه لمدلولاتها التي يمكن اختصارها في جملة المهام والمسؤوليات التي تُناط برجل الدولة والتي عليه أن يحافظ على أن يدور في محرابها ويحرص على عدم الخروج منه قيد أُنملة.