كليب الشريدة .. أسد الشمال ورمز الشهامة الأردنية
د. حمزة الشيخ حسين
02-09-2025 09:46 AM
قبل تأسيس إمارة شرق الأردن بوقت طويل، برز اسم الشيخ كليب اليوسف الشريدة (1865 – 1941م)، الرجل الذي خلد التاريخ سيرته في سجل الرجولة والشهامة والكرم. لم يكن مجرد شخصية عابرة في تاريخ المنطقة، بل كان من رجالات الأردن الذين صنعوا للأرض هوية وللمجتمع مكانة، وأرسوا تقاليد من العز والوفاء بقيت حاضرة في الذاكرة الجمعية.
كليب الشريدة، الذي لُقّب بـ أسد الشمال، عُرف بصلابة الموقف وسخاء اليد، فكان بيته ووجهه عنوانًا للكرم والنجدة، وملاذًا لكل محتاج، وصوتًا مسموعًا في مجالس الإصلاح والعزوة. وكان حضوره في شمال الأردن علامة فارقة جعلت اسمه يسبق ذكره في المحافل، ويُستشهد به في المواقف التي تتطلب الحكمة والقوة معًا.
وأثناء زياراته إلى وسط مدينة إربد، كان يحل ضيفًا مكرمًا على دارة جدي الحاج حسن الشيخ حسين، المولود في إربد عام 1877م. وكان جدي رجلًا وقورًا، تقيًا، معروفًا في المدينة بحسن سيرته ونقاء سريرته. جمعت بين الرجلين صداقة متينة، امتدت جذورها إلى روابط العشيرة والقيم النبيلة التي سادت بين رجالات ذاك الزمن.
هذه الصداقة لم تقف عند حدود المجالس واللقاءات، بل ارتقت إلى مصاهرة كريمة حين تزوج صالح بن كليب الشريدة من ابنة الحاج حسن الشيخ حسين. وهكذا توطدت العلاقة لتصبح رباطًا عائليًا واجتماعيًا متينًا، ضاربًا جذوره في الأخلاق والدين والصدق، وممتدًا أثره عبر الأجيال.
إن قصص الرجال العظام لا تُروى لمجرد الحنين إلى الماضي، بل لتبقى شاهدة على أن العلاقات التي تُبنى على أساس الدين والأخلاق والوفاء تدوم وتتوارثها الأجيال، فتصبح صفحات مشرقة في سجل الوطن وتاريخه.
من كليب الشريدة أسد الشمال، إلى الحاج حسن الشيخ حسين، تتجسد صورة الأردن الأصيل، حيث يلتقي الرجال على الحق، وتتوارث العائلات مكارم الأخلاق لتظل إرثًا خالدًا يضيء الحاضر والمستقبل…