غزة بين محرقة نتنياهو واستثمارات ترمب
كمال زكارنة
08-09-2025 10:43 AM
كل ما يحدث في قطاع غزة ،يتم بالتنسيق الكامل بين ترمب ونتنياهو ،وتتقاطع مصالحهما في قطاع غزة بشكل مباشر،حيث يعمل نتنياهو على تدمير قطاع غزة وتهجير سكان القطاع،تمهيدا لدخول ترمب القطاع مستثمرا ومستغلا لثروات غزة الغازية والنفطية والطاقة بشكل عام،واقامة المشاريع الاستثمارية والاقتصادية ،بدء من المشاريع السياحية والصناعية وانشاء قناة بن غوريون المائية بين البحرين الاحمر والابيض المتوسط ،لضرب قناة السويس المصرية ،فيما تتحقق مصالح اسرائيل الامنية ،وابعاد الخطر الوجودي من قطاع غزة ،الذي يهدد استمرار الاحتلال وبقاء الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة.
اليوم يطل علينا الرئيس الامريكي ترمب، بمقترح خداع، وليس سلام وأمن وانهاء للحرب،لان الهدف الذي يسعى اليه الاسرائيليون والامريكان معا، هو تحرير الاسرى الاسرائيليين احياء وامواتا دفعة واحدة،ولا يعنيهم اي شيء آخر بالنسبة للفلسطينيين.
ومن اجل تمرير مقترح ترمب الجديد ،الذي تمت صياغته بالتنسيق الكامل بين اسرائيل وامريكا،وضع ترمب حشوات معينة ،تخص الجانب الفلسطيني ،لكن اللغم الكبير في هذا المقترح،هو ترك موضوع الوقف الدائم للحرب للتفاوض، ما بعد الافراج عن الاسرى الاسرائيليين جميعا،واستمرار وقف النار ما دامت المفاوضات مستمرة ،ما يعني ان العودة للحرب ممكنة جدا، اذا توقفت المفاوضات حول الوقف الدائم للحرب.
لدينا تجربتين مريرتين مع ترمب،عندما انسحب نتنياهو مرتين من الاتفاق بتأييد كامل من ترمب وبدفع منه،وعادت اسرائيل الى الحرب في المرتين واوقفت العمل بالاتفاق.
نجح ترمب عندما كان جادا ،في التوصل لاتفاق حول صفقة التبادل الثانية ،وهو في طريقه الى البيت الابيض بعد نجاحه في الانتخابات مباشرة،وبعد ذلك صار الوجه الاخر لنتنياهو.
ويتضمن الاقتراح الأميركي إطلاق سراح جميع الأسرى الـ48 المتبقين مقابل وقف إطلاق النار ونهاية العملية الإسرائيلية لاحتلال مدينة غزة.
وستفرج إسرائيل عن 2500-3000 أسير ومعتقل فلسطيني، بما في ذلك المئات الذين يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد بتهمة قتل إسرائيليين.
وبمجرد إعلان وقف إطلاق النار، ستبدأ المفاوضات على الفور بشأن شروط إنهاء الحرب ـ بما في ذلك مطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس ومطالب حماس بالانسحاب النهائي والكامل للجيش الإسرائيلي من قطاع غزة.
إذا استجابت حماس للمبادرة بشكل إيجابي، فإن ترامب سيعمل بنشاط على إنهاء الحرب، وسيستمر وقف إطلاق النار طالما استمرت المفاوضات حول شروط إنهاء الحرب.
الاقتراح المقدم لحماس تضمن رسالة مفادها أنه إذا لم تقبل الحركة المبادرة فإن البديل سيكون سيئا للغاية: عملية إسرائيلية واسعة النطاق في غزة.
الفقرة الثالثة هي الاهم في هذا المقترح الامريكي الجديد،لان كل الالغام والمتفجرات محشوة فيه،وعلى المقاومة الفلسطينية ان تشترط الوقف الدائم للحرب والاتفاق على ذلك ،والتزام الجميع، الاطراف والوسطاء والضامنين ،لهذا الشرط كأساس للاتفاق على باقي التفاصيل الاخرى ،ولا ان يكون بندا في اتفاق اساسه اطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين ،بل الوقف النهائي والدائم للحرب هو الاساس والارضية التي يبنى عليها الاتفاق والتفاصيل الاخرى ،بما يضمن عدم عودة اسرائيل لاستئناف الحرب والعدوان على قطاع غزة.
ان التدمير المنظم والممنهج الذي تقوم به اسرائيل في غزة ،يمهد للتهجير القسري والجماعي للسكان،لان هذا التدمير الذي يتم على مرأى ومسمع الجميع ،ينهي مقومات واسباب الحياة في قطاع غزة ،لاجبار الفلسطينيين على الهجرة القسرية.
الرفض العربي والدولي لتهجير الفلسطينيين ،يجب ان يترافق مع اجبار اسرائيل على وقف اعمال التدمير والهدم وازالة الاحياء والمدن والمخيمات الفلسطينية في القطاع من الوجود،لان سياسة التدمير الممنهج والمنظم،تعني التطهير العرقي واقتلاع الشعب الفلسطيني من ارضه ،وفي النهاية التهجير القسري الذي يعارضه بعض العرب والعالم اليوم .