الأخ .. السند الذي لا يُعوّض
د. حمزة الشيخ حسين
08-09-2025 11:57 AM
الأخ ليس مجرد قريب يجمعك به الدم، بل هو رفيق الدرب وشريك الحياة، وهو الشخص الذي يكبر معك في بيت واحد، يراك على حقيقتك بلا أقنعة، يعرف أسرارك الصغيرة وأحلامك الكبيرة، ويشاركك تفاصيل أيامك بحلوها ومرّها. الأخ هو السند الذي لا يُعوّض، واليد التي تمتد إليك وقت الحاجة دون أن تطلب، وهو الظهر الذي تستند إليه حين يثقل عليك حمل الحياة.
في كل المجتمعات والأديان والتقاليد، بقيت الأخوة رابطة مقدسة لا تشبهها أي رابطة أخرى. وإذا كان الدين الإسلامي قد حثّ على صلة الرحم عموماً، فإنه جعل الأخوة في مقدمة تلك الروابط، لما لها من أثر في تماسك العائلة وحفظ المجتمع من التفكك. والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالرحم، والأخ أولى الناس بهذه الوصية، لأنه أقرب الناس قلباً وجسداً وروحاً.
قد يحدث بين الإخوة خلاف أو سوء فهم، وقد يحتد النقاش أحياناً حتى يصل إلى القطيعة المؤقتة، لكن كل هذا لا يبرر أن يتحول الأخ إلى عدو، أو أن يُخذل في وقت الشدة. الأصالة الحقيقية أن تبقى إلى جانبه مهما اشتدت الخلافات، وأن تكون له عوناً لا خصماً، وسنداً لا خاذلاً. فلا تقطعه، ولا تكن عوناً لأحد عليه، بل اجعل من وجودك قوةً له في مواجهة مصاعب الحياة.
للأسف، في زماننا تغيّرت نفوس كثير من الناس، وصار بعضهم يعادي بعضاً، حتى بين الإخوة. وهذه ظاهرة خطيرة تتنافى مع الدين والأعراف والتقاليد الإسلامية التي تأسست على الاحترام والتكافل. كيف يمكن أن يكون المجتمع قوياً إذا انفرط عقد الأخوة داخله؟ وكيف يمكن للإنسان أن يواجه قسوة الدنيا إذا فقد أقرب الناس إليه؟
الأخ لا يُعوّض، وإن رحل فلن تجد في العالم كله من يأخذ مكانه. قد تجد أصدقاء مخلصين، وقد تنال محبة من حولك، لكن دفء الأخوة وصدقها وعمقها لا يُشبهه شيء. لذلك، فلنحافظ على هذه النعمة العظيمة، ولنغرس في قلوبنا وقلوب أبنائنا أن الأخ هو السند الذي لا يُباع ولا يُشترى، وأن الحفاظ عليه واجب ديني وأخلاقي وإنساني.
لنجعل من بيوتنا حصوناً للأخوة الحقيقية، ولنعلم أن الدنيا زائلة والخلافات تنتهي، أما الأخ إذا خسرناه فلن يعوّضه شيء…