عندما تتعلّم الإدارة العامة من الجيش
د.عبدالله القضاة
10-09-2025 01:59 PM
يجمع الأردنيون على نجاح الإدارة العسكرية للجيش العربي؛ سواء كان ذلك في الإنضباط أو المرونة أو السرعة والكفاءة في إدارة الأزمات والإستدامة في خلق قيادات كفؤة على مختلف المستويات التنظيمية، والأهم من ذلك وجود نظام صارم للمساءلة بعيدا عن أي تدخلات سياسية أو إجتماعية؛ الأمر الذي ساهم في الحفاظ على هيكل تنظيمي رشيق للجهاز بعيدا عن الترهل أو القصور التنظيمي.
عندما أطالب بعسكرة الإدارة الحكومية؛ فإنني لا أقصد تحويل الدولة إلى نظام عسكري، بل اعتماد ممارسات إدارية/ قيادية مستمدة من المؤسسة العسكرية، مثل: أوامر واضحة للمسؤوليات، هياكل قيادية موحدة، أنظمة قيادة خلال الأزمات أو أنظمة قيادة المهام، (ثقافة انضباط زمنية، وإجراءات لوجستية دقيقة)، وغير ذلك من السياسات والإجراءات التي تطبقها القوات المسلحة ويمكن تطبيقها في ممارسات القطاع العام.
الحكومة تعمل بخطى حثيثة على تنفيذ محاور خارطة تحديث القطاع العام عبر مجموعة من المشاريع التنفيذية، وهي تحقق تقدما ملموسا في ذلك ، غير أن إرضاء المواطن – كمتلقي خدمة – غاية لا تدرك ، وهو يريد نتائج سريعة ليغير الصورة الذهنية لديه عن الأداء الحكومي ، خاصة أن العديد من التجارب والإصلاحات الإدارية السابقة لم يبقى لها أثرا يذكر نتيجة العديد من الظروف والمتغيرات التي شهدتها المملكة.
عبر سنوات سابقة من محاولات الإصلاح الإداري، إطلعت الحكومات على العديد من التجارب والممارسات الدولية الفضلى في مجال إدارة القطاع العام ، لكنها لم تلتفت للداخل ، واقصد التجربة الإدارية لدى قواتنا المسلحة؛ فمن دواعي الفخرأن تتعلّم الإدارة العامة من الجيش العربي ، فهو مدرسة تخرج منها العظماء من ملوك وقادة الدولة الأردنية عبر مسيرة المملكة الحافلة بالإنجازات النوعية التي تضاهي الدول المتقدمة، فلجيشنا العربي الفضل في تأسيس المملكة وتعزيز بناينها وهيبتها أمام دول المنطقة والعالم بأسره.
وفي ضوء ماتقدم فإنني أتمنى على دولة رئيس الوزراء ؛ وهو الحريص على ترك بصمة نوعية في إدارة القطاع العام؛ أن يوجه لتشكيل فريق مشترك من خبراء الإدارة العامة في القطاع المدني والعسكري لدراسة نقل الممارسات الفضلى الممكن نقلها للإدارة الحكومية ، وخاصة سياسات التعيين والترقية والتدريب والتحفيز والمساءلة والإنضباط السلوكي ، وقد يكون مناسبا تحويل هيئة الخدمة والإدارة العامة لتصبح رقابية فقط ويسمى رئيسها مفتشا عاما وتنقل المهام التنفيذية والإستشارية للإدارة التي يشرف عليها وزير الدولة لتطوير القطاع العام، وهناك العديد من الأفكار التي سيتم تعلمها من المؤسسة العسكرية لتسهم في الوصول لقطاع عام فاعل وممكن.
* أمين عام وزارة تطوير القطاع العام ومدير عام معهد الإدارة العامة سابقا